اتصل بنا العلامة الدكتور المرتضى زيد المحطوري في شهر رمضان عام 2013، ليقول لنا كلاما حول مقالات قرأها في عمودنا اليومي بصحيفة اليمن اليوم، ثم قال أود رؤيتك، قلنا متى شئتم آتيكم.. قال: غدا بعد صلاة العصر ننتظرك في مكتبة معهد بدر، نتعارف، ثم تفطر عندنا.
ذهبنا إليه في الموعد، وبعد عبارات المجاملة، أخذ يحدثنا عن التشيع والتسنن، وسألنا عن توقعاتنا لمستقبل حركة أنصار الله، قلنا سوف تتراجع، وقد تهزم ما دام الرئيس هادي قد بدأ باستخدام سلاح الجو، كما هو الحال في الجوف وتخوم عمران.. قال: دعك من الطيران، فهذي هي مناورة، وحتى لو كان هادي جادا، فالحوثيون جن، الحوثيون عيال حيود يا أخ فيصل، سوف يتقدمون، ولن توقفهم مناورة بالطيران الحربي.
الأمر المهم، الذي دفعنا إلى كتابة هذا المقال في هذه المناسبة التي يحتفل فيها الناس بالذكرى السنوية الستين لثورة 26 سبتمبر والنظام الجمهوري الذي أتت به، قد سمعته من العلامة المرتضى زيد، الذي صار في ذمة الله، والملعون من يفتري على الموتى، أو ينسب إليهم قولا ليس قولهم.
لقد قال لنا: قبل أسابيع كنت في صعدة، وقابلت السيد عبد الملك بن بدر الدين، وقبل هذي زرته مرتين، وغرضي النصح ومعرفة ما هو الذي في رأسه؟ وقد سألته عن أشياء كنت أود معرفتها منه، لكن ما حصلت منه على جواب صريح، لا جواب واضح عن ما يطمح إليه من خلال حركة الأنصار، الشيء الذي فهمته أنه في سبيله إلى حكم البلاد، وحاولت معرفة هل سيبقي على النظام الجمهوري، أم يريدها ملكية، أم نظاما على غرار النظام السائد في جمهورية إيران الإسلامية؟ لكن السيد لم يوضح، بل لم يجب.. وقال المرتضى أيضا: قلت له إذا قد عزمت على استعادة الملكية، والله لا يطلعوا لك جن من هنا، وجن من هناك، كلهم يدعون أنهم ورثة بيت حميد الدين، وأولى بالإمامة منك بعد ولاية الإمام علي عليه السلام، يرون أنهم أحق بالحكم من غيرهم، بما في ذلك أنتم، وأنتم جدد في هذا الميدان، وهم أهله من زمان، فإذا كان هذا خياركم يا سيدي، فنصحي لكم استبعاده.
قال: لم يعلق كلمة على قولي، و(دعمم) فلما خاب أملي، رجعت أحدثه عن مزج السني بالشيعي، واقترحت عليه أن يأمر بتدريس كتاب الروضة الندية، في مدارس ومعاهد الحركة، لكنه لم يقبل، على الرغم من أن مؤلفه سني متشيع، والكتاب مثال ممتاز للتسنن الشيعي، والتشيع السني.
حين استأذنا العلامة الدكتور المرتضى زيد بالانصراف ناولنا كيسا فيه 14 كتابا.. واحد منها الكتاب المشار إليه فوق، وعنوانه (الروضة الندية في شرح التحفة العلوية)، وهو عبارة عن قصيدة شعر طويلة، في مديح علي وذكر فضائله ومناقبه، للفقيه ابن الأمير الصنعاني، هذا الكتاب حققه ووضع هوامشه العلامة الدكتور المرتضى نفسه، ونشرت طبعته الأولى مكتبة بدر للنشر والتوزيع عام2011.
كان من بين تلك الكتب أيضا تأليفه الذي حصل بموجبه على شهادة الدكتوراة. قال هذا الكتاب هو رسالة الدكتوراة التي حصلت عليها من إيران، في سب أم المؤمنين عائشة! لقد كان يمازح، بل يسخر من الذين أشاعوا هذه الشائعة لتشويه سمعته. قال: أنا اعتبر رسول الله جدي، وزوجه أم المؤمنين عائشة أمي وجدتي، وعرضها عرضي، فبالله هل يعقل مني الطعن في عرضي؟
للأسف أن تلك الشائعة التي سوقتها وسائل إعلام صدقها كثير من الدهماء، وبناء عليها نفذ الإرهابيون هجومهم يوم 20 مارس عام 2015، وقتلوا عددا من الخلق في جامع بدر وقت صلاة الجمعة، وفي ذلك الهجوم كان المرتضى المحطوري بين الضحايا الأبرياء، وبه فقدنا فقيها كبيرا حقيقيا مستنيرا.
في الحقيقة، كان موضوع الكتاب عن الشهادة والرواية في الفقه الإسلامي، وهو البحث الذي بموجبه حصل المرتضى زيد على شهادة الدكتوراة من جامعة القاهرة عام 1994، وليس من إيران، ولا عن عائشة.. وعلى ذكر عائشة، للمحطوري بنت تدعى عائشة، فهمنا ذلك عندما اتصل بها يقول لها يا عايشة لدينا الليلة ضيف، فأكثروا الإفطار وزيدوا في المطيط!
المصدر : نيوز يمن