الأسبوع الماضي وخلال انعقاد اللقاء التشاوري للصحفيين والإعلاميين من محافظة أبين والذي نظمه المجلس الانتقالي الجنوبي، وقف أحد الحضور ليذكر أبناء المحافظة وأبناء الجنوب بالجزء المفقود من خارطتها المحرر من قبضة ذراع إيران.
كان الشاب يتحدث عن مديريته “مكيراس” التابعة تاريخياً لأبين وللجنوب وحالياً تتبع لمحافظة البيضاء إدارياً، ليطالب الإعلاميين في أبين والجنوب بتوجيه خطابهم نحو تحريرها من جماعة الحوثي وعودتها إلى حضن الجنوب وأبنائها المشردين من منازلهم.
عقب هذه المطالبة بثلاثة أيام وصباح الأحد الماضي عثر مواطنون على صاروخ كاتيوشا في منطقة الشعيبة الواقعة شرق مديرية لودر، أطلقته مليشيات الحوثي من أحد معسكراتها في مكيراس، ليسقط في أرض زراعية لأحد المواطنين دون أن ينفجر.
وبالتزامن مع ذلك، أفاد أحد القادة الميدانيين في جبهة ثرة الواقعة بين مديريتي لودر ومكيراس، بفشل مليشيات الحوثي في إطلاق صاروخ نحو أبين، بعد أن انفجر داخل أحد معسكراتها في مديرية مكيراس، ما يعكس خطورة بقاء هذه المديرية في قبضة المليشيات، نظراً لموقعها الجغرافي الهام.
فالمديرية التي توازي مساحاتها مساحة العاصمة عدن (نحو 1100 كم مربع) وبارتفاع يفوق الـ2000م، يجعل منها منصة تهديد دائمة لمحافظة أبين وللجنوب بشكل عام من قبل مليشيات الحوثي، ما يفرض أهمية معركة تحريرها لتأمين الجنوب، ويساعد في ذلك عدم وجود حاضنة شعبية للمليشيات فيها.
ويظل أقرب تفسير لبقاء مكيراس في قبضة ذراع إيران متعلقا بالطبيعة الجغرافية الوعرة متمثلة بسلسلة جبال شاهقة تفصل بينها وبين مديريات أبين المحررة، ما يحصر طرق الوصول لها بطريق رئيسي واحد معبد وهو طريق عقبة ثرة، وآخر فرعي بطريق عقبة الحلحل.
ويكفي وجود مصطلح “عقبة” ليجسد صورة معبرة لطريق ضيق بين مرتفعات شاهقة، أو بين أسفل وأعلى جبل شاهق كما هو الحال في طريق عقبة ثرة، الحد الفاصل بين المقاومة الجنوبية المتمركزة أسفل الطريق ومليشيات الحوثي المتمركزة في الأعلى، ما يعطيها ميزة دفاعية قوية.
وتجسد ذلك في المحاولة الوحيدة التي خاضتها المقاومة الجنوبية عقب نجاحها في تحرير محافظة أبين من مليشيات الحوثي أواخر 2015م، التي فرت نحو محافظة البيضاء المجاورة وتمركزت أعلى قمة ثرة، وتمكنت بسهولة من صد كل محاولات التقدم للمقاومة الجنوبية نحو مكيراس.