بات الخط الرديء مشكلة كبيرة يتذمر منها أولياء الأمور مع أبنائهم، والمدرّسون مع طلابهم، فهؤلاء يعانون من قراءة وتصحيح أوراق الامتحانات المكتوبة بخط سيء وغير مقروء.
مع انتشار التكنولوجيا وتأثر الأطفال بها قلّت مهارات الكتابة لدى الأطفال لاعتمادهم بشكل كبير على الكتابة عن طريق الأجهزة الإلكترونية وقلة استخدام الكتابة اليدوية، لأنها أسهل بالنسبة إليهم.
وأشار خبراء التربية إلى أن تعلم القراءة والكتابة أصبح يعتمد بشكل متزايد على أجهزة الكمبيوتر اللوحي وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، مؤكدين أن هذه الأجهزة الرقمية تفشل في خلق تجربة حركية إدراكية؛ مما قد يعيق التعلم.
مهارة الكتابة تراجعت، ويبرز ذلك في سوء التعبير باللغة العربية، وعدم القدرة على الكتابة باليد ووجود أخطاء إملائية
وقال الخبراء إن مهارة الكتابة عند الطلبة تراجعت، ويتمثل ذلك في سوء التعبير باللغة العربية، وعدم القدرة على الكتابة باليد سواء بوجود أخطاء إملائية أو سوء الخط.
وعزا الخبراء الأمر إلى عوامل عدة، أهمها لجوء عدد كبير من المدارس الخاصة التي تقوم بتدريس المناهج الأجنبية إلى إهمال الكتب الورقية والدفاتر واستبدالها بالكتابة على اللابتوب أو التابلت؛ وبالتالي لن يتعلم الطلبة كيف يكتبون؛ إضافة إلى عدم قدرتهم على تنظيم أفكارهم أثناء العمل، وضياع جزء كبير من المعلومات جراء الفوضى على تلك المنصات التي تفرضها عليهم المدرسة.
وأكّد المتخصّصون في مجالَي التربية وعِلم النفس على أهمّية التعليم الرقمي ودوره في مساعدة الأطفال على كتابة موضوعات مطوّلة، بسرعة وجهد أقلّ، لكنهم في المقابل أشاروا إلى أنّ الاعتماد التامّ على الإنترنت يُضعف المهارات الأساسية لدى الأطفال، ويحدّ من قدرتهم على الكتابة.
ونصحوا بالعمل على تحقيق التوازن المطلوب بين التعليم الرقمي والتعليم اليدوي، وخصوصا أن معظم الواجبات المدرسية وتدوين الملاحظات لا تزال كلّها بخطّ اليد، ما يؤكّد الحاجة إلى التعليم اليدوي، وضرورة تشجيع الأطفال على الكتابة بأيديهم، وعلى الرغم من أنها عملية مُجهدة، فإنها تبقى ضرورية للمحافظة على مهارات الأيدي ووظائفها.
الأجهزة الرقمية تفشل في خلق تجربة حركية إدراكية؛ مما قد يعيق التعلم
وقال المشرف على مؤسسة الطفل القارئ فيصل سعيد بن سلمان “إن التعليم في أغلب البلدان العربية إلى ما قبل جائحة كورونا، كان معتمدا بشكل أساسي، أو حتى كلّي على الكتابة اليدوية والطرق التقليدية بعيدا عن الرقمنة والأجهزة الإلكترونية. ومع الجائحة، فإن أغلب البلدان العربية، مثل معظم دول العالم، وعلى اختلاف قدراتها وتباين جهوزياتها اضطرت للجوء إلى الأمور التقنية لضمان استمرار العملية التعليمية، وكي لا ينقطع التلاميذ الصغار وحتى الطلاب الجامعيين عن التعلّم. وهنا ابتعد الأطفال كثيرا عن استخدام أيديهم في التعامل مع القلم والورقة والألوان، ليحل محل ذلك النقر على لوحات المفاتيح وشاشات اللمس”.
وخلصت الدراسات الحديثة في مجالَي العلوم والتكنولوجيا وعِلم النفس التربوي إلى أن الطريقة التقليدية في الكتابة بخط اليد تساعد بشكل ملحوظ على تذكُّر المعلومات، وتُسهم في رفع معدلات الذكاء لدى الأطفال على نحو أفضل من استخدام لوحة الكمبيوتر، وهذا ما أكدته نتائج دراسة أجراها علماء من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا أجراها علماء من الجامعة النرويجية للعلوم ونُشرت في شهر أكتوبر 2020 في مجلة “آفاق عِلم النفس”.
وكشف بحث جديد صادر عن جامعة “جونز هوبكنز” الأميركية حول “تعلم الكتابة اليدوية ومحو الأمية”، أن ممارسة الكتابة اليدوية تعزز التعلم بشكل أسرع من ممارسة الكتابة عبر الأجهزة اللوحية ومشاهدة الفيديوهات.
وأظهرت الدراسة المنشورة في مجلة “علم النفس” في التاسع والعشرين من يونيو 2021، أن ميزة التعلم المكتسبة من ممارسة الكتابة اليدوية مرتبطة بالتجربة الحركية الإدراكية للكتابة باليد. مما يعمل على إشراك مناطق الدماغ الحسية التي لا يتم تنشيطها عن طريق الكتابة على الآلة الكاتبة، ويساعد هذا النشاط العصبي الطلاب على التعلم بشكل أفضل.