تجاوزت تداعيات جنون ارتفاع اسعار العملات الاجنبية امام انهيار قيمة الريال اليمني، الاثار الاقتصادية وارتفاع السلع الغذائية والخدمات، وتصاعد حالة السخط الشعبي، إلى تعميم نوبات الفزع والارتياب والاكتئاب بين المواطنين وتهديدهم بالجنون.
وأصيب أحد موظفي الدولة في مدينة تعز، بحالة من الذهول والصدمة، حال معرفته بسعر صرف الريال السعودي أمام الريال اليمني، الجمعة، ليدخل في نوبة هلع وفزع لا ارادية، علا معها عويله على نحو جعله معرضا لفقدان رشده والاصابة بالجنون.
الموظف الذي افزعه موظف احد محلات الصرافة في شارع جمال بمدينة تعز، بإبلاغه ارتفاع سعر الريال السعودي ليشارف 280 ريالا يمنيا، صاح كمن نزلت به مصيبة قائلا: أين الشرعية .. أين الشرعية اللي يقولوا عليه. اليوم السعودي بمئتين وسبعين”.
وتابع يصرخ ملججا: “اين البر (القمح) .. ما قدرناش نشتري حبه تفاحة. الحبة التفاح بخمسمائة (ريال). اليوم الدجاجة بخمسة ألف .. اليوم الكيلو اللحم بعشرة ألف. اين نسير. لمن نشتكي. مابش غير الله. الخالق، الذي خلق السماوات والارض. اما المخلوق مابوش”.
مردفا: “الرواتب ما فيش رواتب. احنا ما معاناش رواتب. لنا ثلاث سنوات ونصف بدون رواتب. كيف نعيش احنا واطفالنا. كيف نعيش. مننا اكثر من 16 داخل البيوت. الواحد معه عشرة. واللي معه ثمانية، واللي معه كذا. كيف يعيش واين شتدوه يا عملاء”.
ومضى يصرخ بحرقة وألم يجسد قهر الرجال: “كيف عيشتكم انتم يا عملاء. كيف عيشتكم انتم يا تجار يا مسائيل (مسؤولين)؟. كل واحد معه مليارات واحنا ما نملك الالف. الالف ماهيش معنا. اين نولي؟ لمن نشتكي؟. ما معنا الا الله الخالق، نشتكي له”.
مناجيا الله بالدعاء على المسؤولين في الحكومة والسلطات المحلية الشرعية، غير المبالين بمعيشة المواطنين وموتهم جوعا ومرضا وكمدا، بقوله: “سنتشكي لخالق السماوات والارض، الله يحكم عليهم بالاعدام. الله يحكم عليهم بالمرض الذي يخلص اعمارهم”.
وتواصل العملات الأجنبية في العاصمة المؤقتة عدن والمناطق المحررة، سحق الريال اليمني بعد قرار بنك عدن المركزي ضخ كميات اضافية من الطبعة النقدية الجديدة لفئة 1000 ريال القديمة (الكبيرة) والواصلة مؤخرا من روسيا والبالغة نحو 400 مليار ريال.
شركات الصرافة اكدت عقب استئناف نشاطها وانهاء اضرابها السبت، أن سعر صرف الدولار الامريكي تجاوز 1025 ريالا للبيع، و1018 ريالا للشراء. والريال السعودي تجاوز 271 ريالا للبيع و 268 ريالا للشراء، مؤكدين فشل معالجات البنك المركزي بعدن.
وقرر البنك المركزي اليمني في عدن، الاسبوع الفائت، سحب فئات الطبعة الجديدة من العملة اليمنية الحجم الصغير من السوق المحلية في عدن والمحافظات المحررة، واصدار سندات مالية للبيع، والزام شركات الصرافة والتحويلات المالية بتسليم حساباتها المالية الختامية.
لكن اقتصاديين أكدوا أن “هذه المعالجات لا تجدي نفعا في ظل استمرار طبع المزيد من العملة واغراق السوق المحلي بها بما يشجع على استخدامها في المضاربة على العملات الاجنبية الشحيحة في السوق لعدم توريد صادرات النفط والغاز إلى البنك المركزي بعدن”.
يشار إلى أن البنك المركزي في عدن طبع في روسيا منذ العام 2017م ما يقارب 5 ترليونات ريال يمني، ساهمت في اغراق السوق بسيولة مالية شجعت على استخدامها في المضاربة على العملات الاجنبية، وفقدان الريال اليمني نحو 500% من قيمته، في ظل شح واردات العملة الاجنبية.