كشف عصام دويد، الحارس الشخصي للرئيس الراحل علي عبدالله صالح، تفاصيل جديدة ولأول مرة عن المعركة الأخيرة التي دارت بين أنصار الرئيس صالح ومليشيا الحوثي الإنقلابية في العاصمة اليمنية صنعاء، في ديسمبر 2017م.
وفي حوار مع صحيفة “اندبندنت عربية” كشف عصام دويد الحارس الشخصي للرئيس الأطول حكماً في تاريخ اليمن، كشف عن بداية الخلافات التي نشبت بين الرئيس صالح ومليشيا الحوثي الإنقلابية قبل المعركة الأخيرة.
وقال دويد، إن الرئيس صالح كان يتواصل مع صالح الصماد من قيادات مليشيا الحوثي لحل الخلافات بين الجانبين، كونه شخصية مقبولة وقريب من الجميع.
ويضيف: كان الصماد أعقل الحوثيين، ولكنهم كانوا متربصين يريدون أن يستأثروا بكل شيء، ولهذا زادت المضايقات بشكل يومي، وازدادت قبيل وبعد احتفالية المؤتمر بذكرى تأسيس الحزب في 24 أغسطس (آب) 2017، التي توقعوا أن تشهد انتفاضة شعبية وعسكرية ضدهم”، أما عن تنقل صالح وتحركاته تلك الفترة فقال إنها “كانت تتم بطريقة اعتيادية لا تلفت النظر”.
2 ديسمبر… الخيانات أسقطت الزعيم
قال الحرس الشخصي للرئيس الرحل، إنه “في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 قبيل مناسبة المولد النبوي التي أقاموها في ميدان السبعين بصنعاء، اقتحمت مليشيا الحوثي جامع الصالح وقتلت بعض حراسه واعتقلت آخرين، وحاصروا منزل العميد طارق محمد عبدالله صالح في الحي السياسي، تبعها محاولة اغتيال صلاح نجل الزعيم، وعلى إثرها قتل رئيس دائرة العلاقات الخارجية لحزب المؤتمر، خالد الرضي في تقاطع المصباحي.
وأضاف: في ظهر يوم 2 ديسمبر (كانون الأول) دعا علي عبدالله صالح في خطاب متلفز اليمنيين “أن يهبوا للدفاع عن الثورة والجمهورية والوحدة والحرية ضد الحوثيين”.
وأشار إلى أن خطاب صالح بمثابة ساعة الصفر لرجاله ومناصري حزبه، وتحركت وحدات مسلحة موالية له وسيطرت على أجزاء من العاصمة صنعاء، قبل أن تستعيد جماعة الحوثي زمام السيطرة.
وعن خفايا السقوط السريع لحراسة صالح ومناصريه عقب ساعات من سيطرتهم على بعض المواقع، قال دويد “الكل يعلم أن الحوثي استولى على سلاح الدولة تماماً، وبعضه الآخر تم تدميره، وجاء خطاب الزعيم مفاجئاً لكثير من أعضاء وقيادات المؤتمر وحلفائه الذين لم يكونوا مستعدين بشكل كاف، وكانوا في مواقع دفاع فيما الحوثيون كانوا مستعدين للانقضاض على ما بقي من قيادات ثورة ديسمبر من خلال رصد أعدوه لوجود القوات وتحركاتها وأفرادها والمشايخ الموالين للمؤتمر، وحشدوا قبلها مجاميع كبيرة من مقاتليهم، وبلغتنا معلومات أنهم أدخلوا قرابة 7 آلاف مقاتل ومجموعة من دبابات T82”.
وتابع قائلا: “من سرعة الاستعدادات كان الحوثيون على ما يبدو يتوقعون انتفاضة ضدهم، وهو ما أكده دويد قائلاً “نعم، كانوا يومها في موقف صعب جداً، لأن الشعب بأكمله ضدهم ولكن الإمكانات بأيديهم”.
ويشير دويد إلى “خيانات تعرض لها الزعيم من قيادات مختلفة، بينها من ينتمي لمنطقة سنحان وخيانة بعض الوساطة التي كان يرسلها الحوثي وسعيهم لتهدئة صالح عندما تكون القوة لمصلحتنا”.
وعن كيفية مغادرة جميع الموالين والمقربين من صالح والمشايخ الذين كانوا يحشدون كثيراً من المقاتلين للدفاع عن الرئيس السابق، يكشف هنا عما قام به “عبدالملك الحوثي شخصياً والكثير من القيادات الحوثية، بينهم أبو علي الحاكم (رئيس دائرة الاستخبارات العسكرية وأدرج اسمه في قائمة العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي في 7 نوفمبر 2014) الذي تولى مهمة الاتصال بعدد من مشايخ قبائل طوق صنعاء، ورغبهم ورهبهم في الوقت ذاته، وقال لهم “غريمنا علي صالح وابقوا في منازلكم ومن يخالف سنأتي إليه ونفجر منزله”. مضي
فاً، “دفعت الميليشيات مبالغ طائلة بالمليارات للتخاذل عن مساندة الزعيم وقيادات المؤتمر”.
اللقاء الأخير والمعركة الأخيرة
قال عصام دويد، أن الرئيس صالح كان حينها متواجد هو وأسرته وقيادات مؤتمرية، والعميد طارق والمرافقين في منزله بصنعاء، أما أنا فكنت في موقعي الذي أشرف عليه من شارع الزبيري إلى شارع حدة، وأصبت إثرها بشظية في رجلي اليسرى.
يسرد تفاصيل المعركة وآخر لقاء له مع الرئيس السابق، “ركز الحوثيون جل قوتهم على مربع منزل الزعيم، وكان آخر لقاء معه يوم الخميس تاريخ 3 ديسمبر (كانون الأول) بعد أن قمت بإسعاف بعض الجرحى قبل مقتله بيوم وكان مرهقاً جداً”، مضيفاً أنه عرض عليه نقل المعركة إلى سنحان حيث حاضنة صالح القبلية، لكنه رفض مغادرة منزله العاصمي.
وبحسب المعلومات التي حكت سقوط الرئيس يومها، فقد وجد علي عبدالله نفسه مكشوفاً في لحظة بعد أن انسحبت القوات المحيطة بالمنزل بمن فيهم ابن أخيه العميد طارق صالح، إلا أن عصام دويد يدافع عن موقفهم قائلاً، “منذ بدء المعركة بقي الزعيم أياماً بلا نوم وبلا أكل، يقول لمن حوله هم يشتوا (يريدون) رأسي أنتم اخرجوا سأقاتل حتى آخر طلقة، ولهذا انسحب أغلب المرافقين بطرق عدة”.
البعض يطرح أن اغتيال صالح تم داخل منزله، فيما الرواية الحوثية تقول إنه قتل عندما كان هارباً إلى سنحان، فيرد بحدة “الزعيم لم يكن هارباً وليس المهم الآن أين استشهد، هو رسم نهايته بشكل مشرف، وقاتل ببندقيته حتى آخر طلقة في صنعاء ومعه الشهيد عارف الزوكا الذي أعدم في المستشفى، وسنترك للتاريخ والأيام تفاصيل أخرى وأكثر”.
وحول تفاصيل المعركة الأخيرة يجيب عصام، “قاتل حتى آخر خمس طلقات بقيت في مسدسه قبل أن يموت، وكان يحمل كلاشنكوف ومعه عارف الزوكا الذي قاتل هو الآخر إلى جواره”.
“زامل” المغادرة
في سرده لقصة هربه يشير إلى أنه في مساء الإثنين 4 ديسمبر “أخرجت بعض الأهل والضباط بحلول المساء مستغلاً انشغال الميليشيات المتسارع بعمليات السلب والنهب من منازل مسؤولي المؤتمر وقيادات الثاني من ديسمبر، بما فيها منزل الزعيم والمواطنين أيضاً، واختبأت في أحد المنازل”.
يستطرد، “بعدها غادرت البيت إلى مكان آخر، وكانوا قد أذاعوا في قنواتهم أنهم قد قبضوا عليّ سادس يوم، فيما مكثت في البيت أياماً عدة قبل أن أغادر صنعاء فجر الـ 16 من ديسمبر بسيارة شغلت في مسجلها زوامل (فن غنائي شعبي) من تلك التي اعتاد الناس سماعها من الحوثيين حتى لا يشتبهوا بي، وتسللت إلى مأرب ومنها إلى سيئون التي وصلتها يوم 28 ديسمبر ثم إلى القاهرة”.