أعلنت جماعة الحوثي الانقلابية، رسميا، موقفها من ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، التي اطاحت بنظام حكم الامامة في شمال اليمن وفجرت ثورة الرابع عشر من اكتوبر في جنوب اليمن ضد الاحتلال البريطاني.
جاء ذلك في خطاب متلفز لرئيس ما يسمى “المجلس السياسي الأعلى” لسلطة الحوثيين وجناح عفاش في المؤتمر الشعبي العام، مهدي المشاط، بثته قناة “المسيرة” بمناسبة العيد التاسع والخمسين لثورة 26سبتمبر 1962م.
وتحدث القيادي الحوثي المشاط عن ثورة 26 سبتمر بوصفها “هذا اليوم من تاريخنا اليمني الكبير” الذي قال إنه “يجب أن يكون احتفاءنا وتعاطينا معه مختلفا تماما عن كل الأنماط التي دأب عليها النظام البائد” التي اتهما بافراغها من جوهرها.
وقال: إنها “مع الأسف الشديد أحالت مثل هذه الذكرى إلى مناسبات موسمية للتضليل، وحفلات الشتائم، وتصدير الضجيج الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، والعكوف فقط على تضخيم الذات الفارغة، وكأنه قد خرق الأرض أو بلغ الجبال طولا”.
مضيفا: “مرّ على هذه الثورة قرابة الستين عاماً، غير أننا وفي كل ذكرى ومناسبة لم نحاول يوما أن نسأل لماذا بقيت بلد السادس والعشرين من سبتمبر تراوح مكانها ضمن قوائم الدول والبلدان الأكثر فقرا وفسادا؟”.
وتابع: “في المقابل لم نسأل ايضا لماذا رأينا البلدان الأخرى كالصين وماليزيا تتقدم إلى الأفضل؟”. مجيبا: “لأن هذه البلدان اعتزت بنفسها، وتمسكت بقرارها، وامتلكت أنظمة تقدس أوطانها وشعوبها”.
معتبرا أن هذه الدول وجدت “قادة رجالاً لا يبيعون أوطانهم على الرصيف، ولا يحولون بلدانهم إلى حدائق خلفية لأحد، ولم يرهنوا قرارهم الوطني لقاء ثمن بخس، ولم يغرقوا في وحل الفساد ونهب المقدرات”.
وأشار إلى أن اليمن لم تجد قادة كالصين “لم ينهبوا مقدراتها وتحويلها إلى مدن سكنية، وشركات وأرصدة بنكية في الخارج، ولم يصفقوا يوما لحصار بلدهم، وقصف شعبهم، واحتلال أرضهم، كما هو حال المرتزقة اليمنيين اليوم”. حسب تعبيره.
القيادي الحوثي، مهدي المشاط، لفت في سياق حديثه عن ثورة26سبتمبر وما اعتراها من وجهة نظر الجماعة، إلى أنه “سبق السادس والعشرين من سبتمبر ظروف وإرهاصات وعوامل أعلنت على أساسها الأهداف الرامية إلى تحقيق التغيير والتطوير”.
وقال: “كان يمكننا وفق الآمال والتوجّهات الخيرة أن نرى يمناً عزيزاً وقوياً مثله مثل أي بلد آخر لو لم يتعرّض هذا اليوم التاريخي -مع الأسف- لطعنات غادرة من قِبل أبناء غير بررة، أهدروا قرار البلاد واستقلالها، وما دروا أنهم بذلك أهدروا كل فرص البناء على مدى كل هذا العمر الطويل”.
مضيفا بشأن ما ينبغي حيال ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وذكراها من وجهة نظر جماعة الحوثي: إنه “يجب أن ننفذ دائما وأبدا إلى ما تحت السطح لننتزع ما يحتاجه هذا الوطن الجريح من معالجات تساعده في التصحيح والبناء”.
وتابع القيادي الحوثي مهدي المشاط، قائلا: إن “دروس تاريخ النضالات الإنسانية تقول لنا اليوم وبكل وضوح بأن الطريق إلى بناء البلدان يبدأ دائما وأبدا بامتلاك القرار الحر والمستقل، وبامتلاك الشجاعة الكافية للمراجعة والتصحيح”.
معبرا عن وجهة نظر جماعته في اعتباره أنه “وفي ذلك وحده المبدأ الذي يمكننا من خلاله أن نعيد الاعتبار لكل نضالات شعبنا عبر جميع محطاته التاريخية، وهنا فقط يصبح التاريخ ملهما كله ومفيدا كله، بحلوه ومره وبنجاحاته وإخفاقاته”.
وقال: “لذلك يمكننا اليوم أن نقول بأن لكل تلك الأخطاء، التي اكتنفت تجربة السادس والعشرين من سبتمبر، الفضل الكبير في رفد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيد بحاجتها من الوعي واستيعاب الدروس، وما هي عليه اليوم من إرادة وقدرة على ضبط وتصويب المسارات، مثلما أن للأخيرة فضلاً فيما تعيده اليوم من اعتبار للأهداف العلنية في السادس والعشرين من سبتمبر، وغيرها من مواقف شعبنا اليمني العزيز التي تعرّضت للاختراقات المبكرة”.
مضيفا: “وهكذا ينبغي أن نتعامل مع تاريخنا المجيد وأن ننظر إليه دائما وأبدا كمستودع لتجارب ونضالات اجترحها شعبنا الواحد في القديم والحديث (منذ فجر التاريخ اليمني ومرورا بما قبل وبعد سبتمبر الأمس وسبتمبر اليوم)، وبهذا فقط تتواصل الجسور، وتتلاقح التجارب، وتصحح بعضها بعضا، وبهذا فقط تتراكم لدى الأجيال القدرة على مواصلة المشوار بأقل قدر من الخطأ، وأكبر قدر من الصواب، فلا حاضر بدون ماضٍ، ولا مستقبل من دون حاضر”.
وتابع: “وفي كل مرحلة لا شك خطأ وصواب، على أن أسوأ الأخطاء وأكثرها هدماَ وظلامية على الإطلاق هو رهن القرار والتبعية للخارج، مثلما أن أعظم الصواب وأنفعه للبلاد والعباد هو حرية واستقلال القرار الوطني، وهذا باختصار شديد هو الدرس الكبير الذي يجب ترسيخه في نفوسنا، وتوريثه لأجيالنا كي نضمن العبور إلى يمن عزيز يزدهر فيه معنى الحياة الكريمة، وتختفي منه معاناتنا وهواننا على العالمين، وتلك غاية نبيلة تستحق ولا ريب أن ندفع من أجلها ما ندفعه اليوم من ثمن كبير وباهظ”.
يشار إلى أن جماعة الحوثي، تحرص منذ انقلابها على الشرعية وسيطرتها على العاصمة صنعاء، على اظهار احتفائها بذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، عبر ايقاد شعلتها في ميدان التحرير بالعاصمة صنعاء واقامة فعاليات احتفالية خطابية وفنية بذكراها في محافظات ومناطق سيطرتها، بالتوازي مع احتفائها واحتفالاتها الواسعة بذكرى انقلابها على الشرعية وسيطرتها على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، والذي صادف يوم 21 سبتمبر، عام 2014م.