عدن – أنهى بيان صادر عن التحالف العربي لدعم الشرعية الذي تقوده السعودية في اليمن فصلا جديدا من فصول الحملات الإعلامية التي تستهدف دور التحالف والتشكيك في أهدافه، والتي تقف خلفها أجندات سياسية وأيديولوجية دأبت على إرباك الحكومة اليمنية والتحالف العربي وفتح جبهات داخلية بين المكونات المناوئة للحوثيين.
ونفى مصدر مسؤول في تحالف دعم الشرعية في اليمن الخميس، صحة الأنباء التي تداولتها وسائل إعلامية حول وجود قوات إماراتية في جزيرتي سقطرى وميون، مشيرا إلى أن جهود القوات الإماراتية المشاركة في التحالف “تتركز مع قوات التحالف في التصدي جوا للميليشيات الحوثية في الدفاع عن مأرب”.
وأكد المصدر بحسب ما أوردته وكالة الأنباء السعودية الرسمية “أن ما يوجد من تجهيزات في جزيرة ميون هي تحت سيطرة قيادة التحالف وبما يخدم تمكين قوات الشرعية وقوات التحالف من التصدي لميليشيات الحوثي وتأمين الملاحة البحرية وإسناد قوات الساحل الغربي”.
وشهدت الأيام الماضية عودة السجال الإعلامي داخل الشرعية في أعقاب تقرير صحافي أشار إلى رصد صور لإنشاءات ذات طابع عسكري على جزيرة ميون الاستراتيجية في مضيق باب المندب بالبحر الأحمر.
وتشارك قيادات سياسية إخوانية في الحكومة اليمنية وأخرى محسوبة على قطر في تأجيج الموضوع إعلاميا وتجديد اتهامات قديمة للتحالف وخصوصا دولة الإمارات بوجود أجندة خاصة لها في اليمن ومطامع في الجزر اليمنية في بحر العرب والبحر الأحمر.
وتعليقا على ما جاء في بيان التحالف وحول الدلالات التي تضمّنها، قال الباحث السياسي اليمني سعيد بكران في تصريح لـ“العرب”، إن قيادة التحالف العربي أعادت تلقين ذات الدرس للجهات التي راهنت على ضرب وحدة الموقف السعودي الإماراتي، وأضاف “قالت قيادة التحالف العربي نحن متحدون كتحالف عربي في ميون لضمان الأمن الوطني لليمن والأمن الإقليمي وأمن الممر الدولي ونحن أيضا متحدون في مأرب ونواجه جوا وبرا وبحرا فوضى إيران وأطماعها”.
واعتبر بكران أن الضجة التي أثيرت حول جزيرة ميون “كشفت بجلاء وحدة الموقف في التحالف العربي وفي ذات الوقت كشفت وحدة الموقف الحوثي الإيراني والإخواني”.
وقالت مصادر خاصة لـ“العرب”، إن برلمانيين ومسؤولين في الحكومة اليمنية يقيمون في تركيا عملوا بشكل متناغم مع الإعلام القطري والإخواني على اتهام التحالف العربي بوجود أطماع خاصة له في اليمن وانحرافه عن أهدافه المعلنة، وهي ذات الاتهامات التي يعمل ما يعرف بجناح تركيا – قطر داخل الحكومة اليمنية على إبرازها منذ العام 2017.
ولفتت المصادر إلى ممارسة هذا التيار ضغوطا متزايدة على الحكومة والبرلمان لاتخاذ موقف جدي تجاه التحالف العربي، واتهام قيادات في الشرعية ترفض الإساءة للتحالف بالتفريط في السيادة اليمنية وعقد صفقات خاصة، وهي الاتهامات التي يتم الترويج لها إعلاميا بشكل واسع وساهمت في تحييد موقف العديد من قيادات الشرعية والتزامهم الصمت أمام الحملات الإعلامية المتتالية التي تزعم سيطرة التحالف على الجزر والموانئ والمطارات اليمنية.
وربطت مصادر سياسية خاصة لـ“العرب” بين عودة حملات التأزيم السياسي والإعلامي والعسكري بعد فترة من الهدوء التي تلت قمّة العلا والمصالحة بين قطر ودول الرباعية إلى ما يمكن أن يكون تعثرا في حالة التقارب بين قطر وتركيا من جهة وقيادة التحالف العربي من جهة مقابلة.
واستدلّت المصادر على ذلك بمشاركة ساسة يمنيين محسوبين على قطر في الحملة الأخيرة التي استهدفت التحالف العربي، بالتوازي مع القنوات القطرية والقيادات السياسية والإعلامية اليمنية المتواجدة في تركيا.
وكشفت مصادر خاصة لـ”العرب” عن تحركات حثيثة في العاصمة السعودية الرياض لاستكمال اتفاق الرياض والحيلولة دون عودة المواجهات بين قوات الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، مع ورود معلومات عن وجود تحشيدات عسكرية متبادلة في محافظتي أبين ولحج وعودة مظاهر التوتر السياسي والإعلامي بشكل ملحوظ.
وأشارت المصادر إلى ترتيب الرياض لعقد جولة جديدة من المشاورات بين قيادة الشرعية والمجلس الانتقالي لاستكمال تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض الموقّع بين الطرفين في نوفمبر 2019 وتوفير الظروف المناسبة لعودة الحكومة إلى عدن لمزاولة أعمالها.
ووفقا للمصادر لم تكن الحملة الإعلامية الأخيرة التي اتهمت الإمارات بإنشاء قواعد عسكرية في جزيرتي سقطرى وميون بمعزل عن الدور الذي يلعبه جناح ممول من قطر داخل الشرعية لإفشال اتفاق الرياض وإعادة مشهد التوتر بين الشرعية والانتقالي إلى مربع المواجهات الأول.
وأعلن الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي الجنوبي الخميس عن لقاء ضم رئيس المجلس عيدروس الزُبيدي، برئيس وأعضاء الوفد التفاوضي الذي سيتوجه إلى العاصمة السعودية الرياض، تلبية لدعوة سعودية لاستئناف مباحثات استكمال تنفيذ اتفاق الرياض بحسب ما جاء في الموقع.
وتتزامن محاولات إفشال جهود التحالف العربي لتمتين جبهة المناوئين للحوثي مع حراك دبلوماسي دولي غير مسبوق تشهده الرياض ومسقط لإنجاح مشروع خطة أممية لوقف إطلاق النار في اليمن واستئناف المشاورات السياسية بين الحكومة المعترف بها دوليا والميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.
وفي هذا السياق أجرى المبعوثان الأممي والأميركي لليمن مارتن غريفيث وتيم ليندركينغ سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين السعوديين واليمنيين تركزت حول الملف اليمني قبل مغادرة المبعوث الأممي إلى العاصمة العمانية مسقط حيث التقى وفد التفاوض الحوثي الخميس، في مؤشر على تراجع الحوثيين عن موقفهم المتصلب ورفضهم لقاء المبعوث الأممي خلال زيارته السابقة لمسقط.