عناوين بوست../
بوزن ستة عشر كيلوجرام فقط يعيش الطفل نجيب علي محمد سليمان (17) عاما يرقد حاليا في مستشفى الثورة العام بمدنية الحديدة، ومنذ تاريخ دخوله إلي المستشفى 11 حزيران /يونيو 2019 وحتى اليوم، لم يستجيب نجيب للعلاج رغم كل المحاولات التي بذلت لإنفاذه، كما يشتبه الأطباء بإصابته بمرض الدرن.
يقول علي محمد سليمان والد نجيب بان أعراض النحافة الشديدة ظهرت عليه منذ ما يقارب السبع سنوات، ولكن عندما خارت قوة نجيب اضطر إلي نقله من مديرية باجل إلي قلب المحافظة، ويضيف: لا احتمل رؤية ابني يموت على هذا النحو الموجع وأفضل وفاته داخل منزله”.
ويعتقد علي سليمان بان نجيب يحتاج إلي العلاج في صنعاء، ولكنه يعجز عن دفع تكاليف السفر خصوصا أن الحرب ساهمت إلى حد بعيد في قطع الطرق الأقل كلفة للسفر من الحديدة إلى صنعاء.
هاني إبراهيم عايش أحمد ذو الستة أشهر وزنه لا يتعدى 2.350 كيلوغرام يتلقى حاليا العلاج بعد خروجه من المستشفى ولكن يحتاج للكثير من المتابعة، وتبقى ثقافة الوالدين ووضعهم المادي عامل مهم للشفاء، بالإضافة إلي لتلقى العلاج ضمن عيادات سوء التغذية.
والد هاني على سبيل المثال واحد من النماذج التي تشبه آلاف اليمنيين يعمل بالأجر اليومي في أعمال البناء التي هي أيضا صارت شحيحة بسبب الحرب فصار من الصعوبة بمكان أن يتمكن من منح ولده الرعاية والتغذية المناسبة ليتمكن من تجاوز مرضه الذي يعاني منه.
لا يقتصر مرض سوء التغذية على تلك الحالات التي تعاني من عوز مادي، ولكن هناك من يصابون بسوء التغذية وهم ميسورين ماديا، ولكن لسبب (العيب) يرفض الأهل إرسال أطفالهم إلي مراكز المعالجة .
وتعد محافظة الحديدة غربي اليمن من أبرز المحافظات اليمنية التي ينتشر فيها الفقر وأمراض سوء التغذية، حيث تبين إحصائيات طبية غير مستوفاة أنه ومنذ بداية الحرب في اليمن العام 2015 مات ما يقارب 680 شخصاً في مدينة الحديدة بسوء التغذية، بينما بلغ عدد المصابين بحسب المعلومات الطبية المتوفرة والذين تلقوا علاج بأرقام متفاوتة بين العام 2015 إلي 2019 من جراء سوء التغذية أكثر من (10.000) حالة في المدينة الساحلية على البحر الأحمر.
هذه الحالات فقط لحالات سوء التغذية الوخيم والتي تتلقي العلاج في قسم الرقود الخاص بسوء التغذية (TFC) بينما تقدر الحالات التي تتلقي العلاج في ( OTP) بأكثر من (14000) حالة، مع الأخذ في الاعتبار الأعداد التي لم تتمكن من الحصول على رعاية صحية نظراً لعدم قدرتها على الوصول إلى أي مرفق صحي لتلقي العلاج.
وساهمت الحرب التي تدور منذ أكثر من عام على أطراف مدينة الحديدة وإلى حد كبير في عدم قدرة مراكز المعالجة على قلتها القيام بدورها الفاعل، وأكد طبيب الأطفال بمستشفى الثورة العام في الحديدة الدكتور عبدالرحمن القدسي أن الحالات التي كانت تصل إلى المستشفى مصابة بسوء التغذية قبل اندلاع المواجهات في الحديدة تتركز على المناطق الواقعة في الجنوب الريفي من محافظة الحديدة، لكنها الآن اقل وصولا بسبب الظروف الأمنية والظروف المالية لذويهم
ومع تزايد الحالات المصابة فقد عمدت بعض المؤسسات العاملة في مجال العون الصحي إلى افتتاح مراكز متخصصة بذات الأمر لكنها أيضا تبدو اليوم عاجزة عن تغطيه مساحات اتساع المرض وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة.
يوما بعد يوم تتضاعف الكلفة الإنسانية للحرب الدائرة في اليمن، وتتسع الفجوة على نحو كبير بين ما تقدمه الجهات المانحة من دعم اغاثي لمواجهة خطر المجاعة التي تهدد الملايين في بلد يعد من أكثر بلدان العالم فقرا.
ويصاب اليمنيون بسوء التغذية كنتيجة أساسية لعوامل عدة أهمها الفقر والجهل وصعوبة الحصول على الغذاء الجيد كما وكيفا، ويبقى الصراع أحد أكبر عوامل انتشار مرض سوء التغذية الذي يصيب الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل على وجه.
وحسب تقرير لمنظمة اليونيسف حول وضع الأمومة والأبوة في ظل الصراع للفترة (2015/ 2018) تموت حالة من كل 260 امرأة أثناء الحمل أو الولادة، ويموت مولود في شهره الأول من بين 37 مولودًا جديدًا، فيما تحدث ثلاث ولادات في المرافق الصحية من كل عشر ولادات، وتنجب فتاة واحدة من كل 15 فتاة بين 15-19 سنة، ونحو (1.1) مليون امرأة حامل ومرضعة بحاجة إلى علاج سوء التغذية الحاد الوخيم.
تقرير الاحتياجات الإنسانية في اليمن، الصادر عن اليونيسف مطلع 2019 أشار إلى إن 24.1 مليون شخص لا يستطيعون البقاء دون مساعدة إنسانية، وإن 2 مليون طفل دون سن الخامسة يحتاجون إلى علاج سوء التغذية الحاد، وإن 19.7 مليون شخص يحتاجون إلى الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية. 17.8 مليون شخص يحتاجون إلى مياه الشرب المأمونة، والصرف الصحي والنظافة الكافية.
وقدرت اليونيسيف أن (10) مليون يمني يعانون من الجوع الشديد، و(238) ألف شخص يعيشون في جيوب من المجاعة الكارثية.. ونحو (2,3) مليون نازح من منازلهم.
أحدث التعليقات