انقضى عام كامل على بداية “غزوة مأرب” التي نفذتها النسخة الشيعية من داعش.
ملحوظة: داعش هي أعلى النسخ السنّية من الإرهاب.
عام كامل، ضرب فيه الحوثيون بكل وحشيتهم، لم يوفروا شيئاً في حوزتهم. حتى إنهم سحقوا مدرسة الحديث في محافظة مأرب بصاروخين باليستيين.
مضى العام، عام الرفض الأكبر: لن تمر الفاشية كما تشاء. سقط أبطال وولد آخرون. إذا وقفت في وسط مدينة ما، في أي مكان في العالم، ووقعت عينك على اسم شارع فهو، غالباً، لرجل قال لا في وجه عدو غشيم.
لو أن خسارة الحوثيين في اليوم عشرون من الرجال وخمس من العربات لبلغ قتلاه ال7 آلاف، وخسارته من الآلات الألفي عربة في عام واحد.
كان الحوثي في ديسمبر 2020 أقوى منه الآن، الرجال والآلات، والأمل.
وكانت مأرب أقل منها الآن، على كل المستويات.
من يصمد 12 شهراً سيصمد باقي الشهور والأعوام.
ربما تتغير القواعد في الأسابيع القادمة على نحو جذري إذا ضربت المطرقة الإسرائيلية رأس الشيطان في طهران. في الأيام الماضية تحدث البريطانيون والأميركيون بصراحة أكثر، وقبل أسبوع الفرنسيون. الزوائد الدودية المتورمة، كالحوثية، لا يخفت بريقها إلا إذا أصاب الطاعون المركز. ففي قرى ومدن بعيدة في العالم استيقظ الناس كعادتهم، مهزومين وخاضعين، ولم يجدوا الجنود الشرسين والأنوف العالية، أو حنشان الظمأ. فرّ حنشان الظمأ لأن عواصهم البعيدة جداً تفككت من الداخل: غزو، انقلاب، انهيار اقتصادي، تبدل في طبيعة النظام [برويسترويكا، على سبيل المثال]، خسارة معركة فاصلة، وباء .. لا تدوم القوة، حتى أميركا [روما الحديثة] تخلت في الأعوام الماضية عن طموحاتها الإمبراطورية وعادت إلى الخلف لتعيش كدولة عظمى تتخانق مع فنزويلا وكوريا الشمالية، لا إمبراطورية تقول للشيء كن فيكون. أطلق أوباما على التحول: بناء أمة من الداخل Building a nation from inside
إيران تهوي اقتصادياً، ولم تعد قادرة [مالياً] على دفع تكاليف مشاريعها. فقد خصصت حوالي 2 مليار دولار كموازنة “إمبراطورية” للعام 2021، مؤملة أن تغطي بذلك المبلغ الزهيد حروبها في اليمن، العراق، سوريا، ولبنان. عوضاً عن المال الزهيد لجأت إلى ضخ المزيد من السلاح، فقد شهد هذا العام أعلى منسوب تهريب للسلاح إلى تلك الدول. إذ تجاوزت الغارات الإسرائيلية على قوافل السلاح الإيراني 2021 عدد الغارات التي نفذتها منذ 2013. حتى إنها، وفقاً لواشنطن بوست قبل أيام، دمرت ثلاثة مصانع للأسلحة الكيماوية داخل سوريا. ورش إيرانية، أو بالتعاون مع إيران غالبا، وقد تنقل التجربة إلى اليمن، وهذا تقديري وليس تقدير واشنطن بوست. قبل أيام صادر الأميركيون شحنة سلاح إيرانية في طريقها إلى اليمن، وصفت بالشحنة الأكبر.
عام على غزوة مأرب ولا يزال شاعرها يصيح بأعلى صوته، يحلف، يضرب على صدره، ويتوعد “الحثالة”.
ومن يصمد 12 شهراً فسيصمد باقي الشهور والأعوام.
وربما نتذكر بعد سنين كثيرة مأرب بوصفها الهاوية التي ابتلعت ذلك الوباء، ودفعت باقي المدن لابتلاعه. فالحوثيون يسوقون أبناء القبائل إلى الحرب عنوة [القتلى ليسو عبيد إيران، بل مختطفين وأسرى ورهائن]، يسرقون أراضيهم وممتلكاتهم، يتعالون على ماضيهم وأحسابهم، ثم يعودون إليهم بجثث الأبناء. قال خبر في اليومين الماضيين إنهم أهانوا أهالي القتلى طالبين منهم سرعة حمل جثث قتلاهم فلديهم جثث أخرى في الطريق، رافضين حتى مجرد الحديث عن التزاماتهم الشفهية التي قدموها وهم يبندقون العويلة.
هذه وصفة كاملة للتمرد، الكائن البشري لن يحتمل على المدى الطويل هذه الهزيمة الشاملة والقهر اللامحدود. احتفال الناس في صنعاء بفوز المنتخب، على ذلك النحو الهستيري، تجاوز معناه كفرحة حول الرياضة، وصار إلى إشارة ثقيلة أراد المغلوبون إرسالها. كان ذلك أكثر وضوحاً من خلال هتافات “الجمهورية” و”الفداء”. إن استمرت مأرب في الصمود، وواصل الحوثيون حمل الأشلاء من الجروف والوديان فإن مطرقة ما، أو ألف مطرقة، قد تخرج من الظلام وتهشم رأس الشيطان.
ومن يصمد 12 شهراً فسيصمد باقي الشهور والأيام.