موضوع غلاء المعيشة هو من أهم المواضيع وأكثرها حساسية لدى الشعوب وخاصة عند ارتفاع الأسعار لأن بالمقابل سوف ينعكس على السلوك الاستهلاكي لدى المواطن وبالخصوص المواطن السعودي. الوضع السعودي مختلف عن باقي الشعوب حيث أن الاقتصاد في تطور بعد اعلان عن رؤية 2030 والتطورات، والتحولات الاقتصادية الكبيرة التي نشهدها وتحويل الاقتصاد الى اقتصاد استثماري عالمي. وكما هو معلوم سابقًا فقد تم إلغاء البدلات والمكافآت، والحوافز وهذا ينعكس على القدرة الشرائية، والسلوك الاستهلاكي لمختلف الشرائح من السعوديين.
لا شك أنّ الوعي الاستهلاكي بين الأسر السعودية مهم جدًا وتشير الدراسات أن الوعي في تزايد ووضع خطط ترشيدية للإنفاق على السنوات الجاية لتواكب المتغيرات ولكي لا تقع في أعباء اقتصادية وتقدم الاحتياجات الأساسية لأفراد الأسرة. مفهوم الأسرة هو مفهوم معقد ويدخل من ضمنها أكثر من جيل داخل إطار الاسرة وهذا التشكيل الأسري هو جزء من الوحدة الاقتصادية العامة في المجتمع. كما نعلم فإن مصاريف الأسرة تختلف على حسب عدة عوامل وظواهر ومنها لا الحصر الطبقة الاجتماعية للفرد والدخل، والوضع التعليمي، والوضع الاجتماعي، وأسلوب حياة الأسرة ويشير عالم الاقتصادي كينز Keynes أن الاستهلاك يعتمد بالمقام الأول أساسًا على مستوى الدخل. المشكلة هنا هو ليس مستوى الدخل وإنما التعود على مستوى صرف معين للأسرة وبالمقابل اذا انخفض الدخل، بالمقابل العامل الآخر وهو الاستهلاك، والصرف لا ينخفض وهذا ما أشار له دوبنزري Duesenberry نظرية ” مستوى الدخل الماضي” حيث يوصف أن الإنفاق الاستهلاكي لا يرتبط بمستوى الدخل الجاري فقط وإنما بأعلى مستوى دخل حصل عليه المستهلك في الماضي مثل الأسر ذات الدخول المرتفعة إذا تغير عليها الحال وصار هناك انخفاض في الدخل تحاول أن تبقى على نفس نمط المعيشة ولو على حساب المدخرات وأخذ قروض بنكية.
المشكلة الكبرى الأخرى والتي تواجه الأسر السعودية بالخصوص الآن هو كيفية زيادة الوعي لدى الأبناء بخصوص ترشيد الاستهلاك حيث من الصعب توجيه الجيل الجديد إلى الطريق الصحيح بسبب عدة مؤثرات خارجية مثل تطبيقات التواصل الاجتماعي ( الواتساب ،والفيس بوك ،والتيك توك ،والانستقرام ،والسناب شات وغيرها ) والتي أثرت على كثير من الأسر. لكن بعض الأسر استطاعت أن تتعايش مع الوضع والتأقلم مع الأوضاع الاقتصادية الحديثة ويكون هناك تقنين بخصوص المصروفات على الأساسيات والخدمات إلى أن تتجاوز الأزمة ويكون وضع العائلة أفضل وكذلك البحث عن مصدر دخل مساند ويكون هناك مخططات للإدخار لكن بالمقابل هناك بعض العوائل تفرط في استخدام مبالغ الادخار والبطاقات الائتمانية، والقروض البنكية لجعل أبنائهم يعيشون في مستوى معين.
أخيرًا، يجب أن يكون هناك دور فعال من جميع الإدارات ذات العلاقة وخاصة حماية المستهلك. يجب أن يكون دور حماية المستهلك فعال وله أثر على أرض الواقع للحد من المغالاة في الأسعار لتتناسب مع متوسط القدرة الشرائية للمستهلك ولا يمكن للتجار والطامعين تجاوزها. وأيضا زيادة الوعي من ذات الاختصاص إلى جميع الأسر والأفراد على مختلف الأعمار بخصوص أهمية ترشيد الاستهلاك ووضع الخطط المناسبة وكيفية التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية والأزمات.
* نقلاً عن صحيفة “مال”.