أعلنت القوات المسلحة المصرية الثلاثاء، تولي قيادة قوة المهام المشتركة (153) للمرة الأولى، والتي تنتشر في البحر الاحمر، وباب المندب، وخليج عدن، تتمثل مهامها في التصدي للأنشطة العدائية وغير المشروعة مكافحة أعمال التهريب بكافة أشكاله.
وقال المتحدث باسم الجيش المصري العقيد غريب عبد الحافظ، في بيان: “تولت القوات البحرية المصرية قيادة قوة المهام المشتركة (153)، أحد أهم الآليات المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي ومجابهة التهديدات بكافة أنماطها”.
وأضاف البيان: أن المهام الجديدة التي تتولاها القوات البحرية المصرية “تتمثل في مكافحة أعمال التهريب والتصدي للأنشطة غير المشروعة، خاصة الإرهابية بمناطق البحر الأحمر، باب المندب، وخليج عدن.
وأوضح أن ذلك في “إطار التعاون مع الولايات المتحدة والدول الشقيقة والصديقة (لم يسمها) لمواجهة التهديدات والتحديات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة”. وأكد أن تلك القيادة “استكمالا للمشاركة المصرية الفاعلة في القوة البحرية المشتركة.
وتضم قوة المهام المشتركة 153 كلا من السعودية ومصر والإمارات والأردن مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ويأتي هذا الإعلان بعد أقل من أسبوعين من تعرض القوات المصرية لهجوم ارهابي شرق قناة السويس قتل على اثره 11 ضابط وجندي وفق بيان الجيش.
أبعاد ودلالات التعيين
يقول المحلل العسكري والاستراتيجي الدكتور علي الذهب: إن تولي مصر قيادة قوات المهام المشتركة يأتي بهدف مواجهة نشاط الجماعات الارهابية في المنطقة، وتسلم القيادة لمصر يأتي نتيجة لثقلها العسكري في المنطقة ولأهمية موقعها في الحفاظ على أمن البحر الأحمر بالنسية لقناة السويس، ولان مصر تتعرض لعمليات ارهابية وتواجه طيف من التهديدات الامنية في منطقة سيناء، وطيف من الجماعات العنيفة التي تهدد أمن البحر الاحمر، وأمن الملاحة، في خليج السويس، وفي نفس الوقت هناك نشاط حديث لإيران في المنطقة، وهناك ما يشبه الاحتكاكات بين القوات البحرية الايرانية وزوارق غير مأهولة (مسيرة) تابعة للولايات المتحدة.
وفي تصريح لـ “الموقع بوست” أضاف الذهب: أنشأت الولايات المتحدة قوات المهام المشتركة، وهي تحت قيادة الاسطول الخامس الامريكي في المنامة، كونها تواجه التهديدات غير التقليدية وتحاول الحد من نفوذ ايران من خلال الانشطة التي تمارس في هذا السياق
واوضح: منحت القيادة لمصر ضمن تفاهمات مشتركة مع الدول الاطراف، أو الشركاء الاقليميين في البحر الاحمر، ولحساسية الموضوع لم تدخل اسرائيل في الفرقة ولكن المسيطر والمهيمن هي الولايات المتحدة المعروفة بولائها لإسرائيل
أنور الخضر رئيس وحدة الدراسات والبحوث بمركز المخا للدراسات الاستراتيجية يرى أن اسناد مهام وقيادة قوات المهام المشتركة لـ مصر يأتي في اطار جهود حثيثة تهدف الى التحضير لدور قادم لـ مصر في الملف الاقليمي
وفي تصريح لـ “الموقع بوست” يقول الخضر: منذ وقت مبكر ومصر تسعى لرفع مستوى قدراتها البحرية، بشراء سفن وفرقاطات حربية وغواصات وهو ما يعني أن هناك دور قادم لمصر في المنطقة يحضر في أكثر مِن ملف إقليمي وذلك اعتمادا على جيشها وجنودها باعتبارها قوة عربية ضخمة وفي ظل مساعي لتأهيل قواتها لهذا الدور
بؤرة توتر
وأشار الذهب إلى أن منطقة البحر الأحمر تمثل بؤرة توتر وصراع دولي، وتنشط فيها جماعات عنيفة، بعضها ذات ارتباطات بأطراف الصراعات الدولية، كالحوثي في اليمن، وحركة الشباب في الصومال، ومتمردي تليغراي بأثيوبيا، بالإضافة الى القلاقل السياسية في ارتيريا، وفي السودان، وايضا نشاط التهريب بمختلف الاشكال تهريب المهاجرين، وتهريب المخدرات، وتهريب الاسلحة، وهناك ايضا نشاط الاتجار غير المشروع للبشر، خاصة الاطفال والنساء، وتجار النفط المسروق، والسلع المسروقة، كل هذه التحديات جعل من منطقة البحر الاحمر منطقة شائكة ومحل التدخلات الغربية وتنافس واحتكاكات بين أطراف دولية.
أنور الخضر بدوره تطرق الاحتقان الحاصل على امتداد البحر الأحمر وباب المندب بين القوى العظمي في المنطقة، ومخاطر سعيها للحضور في هذه المناطق، فيما يعزز موقفها في حالة حدوث أي صدام، أو صراع، ومخاطر ذلك على الأمن للدول المطلة على تلك الممرات المائية.
وقال الخضر في مستهل حديثه لـ “الموقع بوست” إن القوات الأمريكية بحاجة إلى الحضور في مناطق أهم على امتداد الجبهات المشتعلة، التي تشير إلى احتمالية وجود صراع شرقي غربي قادم شرقي جنوب آسيا أو في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط أو غيرها من المناطق التي يحتمل أن تتحول إلى بؤر مواجهة.
وتابع الذهب حديثه لـ “الموقع بوست” بالقول “للأسف الشديد فان دول البحر الأحمر لم تستطع النهوض بأعباء المنطقة، أو لم تستطيع تكوين قوة بحرية مشتركة تحول بها دون أي تدخل خارجي، وباتت هذه المنطقة مدعى للتدخل الغربي، وربما قد تكون بؤرة صراع تؤثر على الامن القومي للدول المطلة أو المشاطئة لمنطقة البحر الاحمر، وخليج عدن وهو ما هو واقع لان في ظل التنافس الدولي بينهما وبين الصين، وبين ايران واليابان، والهند فضلا عن دول المنطقة”.
سيناريو خطر
يقول أنور الخضر إن الخطر في منح مصر قيادة قوة المهام المشتركة هو تمرير هذه القيادة على الدول المطلة على البحر الأحمر بما فيها إسرائيل، وهذا أخطر سيناريو يمكن أن نتوقعه إذ هو شكل مِن أشكال التطبيع التي ستفتح الأجواء للقوَّات الإسرائيلية دون أي تنديد أو شجب أو استنكار.
الدكتور الذهب بدوره حذر من هذه الخطوة ومن تبعاتها وابعادها على الأمن القومي العربي حيث قال الذهب في مستهل حديثه لـ”الموقع بوست” هذه القيادة هي قيادة دورية ومنحت لمصر ضمن تفاهمات مشتركة مع الدول الاطراف او الشركاء الاقليميين والدول المطلة غلى البحر الاحمر ولحساسية الموضوع اسرائيل لم تدخل في الفرقة ولكن المسيطر والمهيمن هي الولايات المتحدة المعروفة بولائها لإسرائيل وهو ما يشكل نوع الخطر في حال تولي اسرائيل هذا الدور بحكم تواجدها على البحر الاحمر.
وبعد ساعات من إعلان الجيش المصري توليه مهام دولية جديدة في البحر الأحمر تشمل مضيق باب المندب وخليج عدن هددت جماعة الحوثي باتخاذ إجراءات عسكرية في حال الاقتراب من المياه الإقليمية اليمنية، وفق وكالة أنباء “سبأ” التابعة للحوثيين.
الحوثي يتوعد والانتقالي يرحب
وقال وزير الدفاع في حكومة الجماعة (غير معترف بها) محمد ناصر العاطفي إن “مضيق باب المندب وخليج عدن والبحر العربي والامتداد الإقليمي لأرخبيل سقطرى والجزر اليمنية هي أرض يمنية سيادتنا عليها كاملة.
وأضاف: أن القوات المسلحة (الحوثية) اتخذت كافة الإجراءات التي تضمن التعامل بقوة وحزم مع أي تطور يمثل تهديدا أو المساس بالسيادة الوطنية أو الاقتراب من السيادة البحرية.
وتابع: هناك خيارات تأديبية سيتم اتخاذها والإعلان عنها في الوقت المناسب لا يلومنا عليها أحد إن لجأنا إليها، لأننا قدمنا كل السبل للوصول إلى نهاية إيجابية، لكن العدو يأبى إلا أن يسير عكس التيار، وقد أعذر من أنذر، وفق تعبيره.
وخلافا لموقف الحوثيين، رحب المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم اماراتيا والمطالب بالانفصال في اليمن علي الكثيري في بيان بتولي القوات البحرية المصرية قيادة قوة المهام المشتركة (153).
وقال الكثيري: أن “تولي مصر قيادة القوة يأتي انطلاقا من دورها المحوري في تأمين المنطقة والممرات البحرية ومكافحة الإرهاب والقرصنة، مما يعزز الأمن والسلام الإقليمي والدولي”.
بحسب الكثيري- هذه القوة “تتمثل مهامها في مكافحة أعمال التهريب والتصدي للأنشطة غير المشروعة، خاصة الأنشطة الإرهابية في مناطق البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وتظم “قوة المهام المشتركة 153 الدولية كلا من مصر والسعودية والإمارات والأردن والولايات المتحدة الأميركية، ويتركز نطاق عملها في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن. الذي تمر عليه أعداد كبيرة من سفن التجارة العالمية التي تعرضت خلال السنوات الأخيرة لهجمات وصفتها الولايات المتحدة الأميركية ودول خليجية بـ”الإرهابية
وأعلنت الولايات المتحدة تشكيل قوة المهام المشتركة 153، بوصفها رابع قوة تنضم إلى تحالف القوات البحرية المشتركة “CMF”، لتلحق بـ “قوة المهام المشتركة 150 ونظيرتيها 151 و152″، وجميعها معنية بحماية الأمن البحري لاسيما في البحر الأحمر وخليج عدن والخليج العربي.
و”القوات البحرية المشتركة”(CMF) ، تحالف عسكري متعدد الجنسيات يتكون من 34 دولة، وانضمت مصر إليها في أبريل/ نيسان 2021 محتلة الترتيب الـ34 بين الأعضاء، وتشارك سفن تلك القوات في تعزيز الأمن والاستقرار لا سيما بممرات الشحن العالمية.
وتمر من خليج عدن ومضيق باب المندب أعداد كبيرة من سفن التجارة العالمية؛ والتي تعرضت لهجمات في الأعوام الأخيرة، وصفتها واشنطن ودول خليجية كالسعودية بـ”الإرهابية”، وعادة ما وجهت اتهامات إلى إيران وجماعة الحوثي حليفتها باليمن بالتورط، في تلك الهجمات مقابل نفي كليهما.