عدن – ينتشر خطاب الكراهية في وسائل الإعلام اليمنية بمختلف أنواعها، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل يكرس الانقسام والعداء بين مكونات المجتمع اليمني، بينما يعمل العديد من الصحافيين على مواجهة هذا الخطاب.
وأكدت بلقيس محمد علوان، الأستاذ المساعد في كلية الإعلام في جامعة صنعاء، أن القنوات التلفزيونية تحتل المرتبة الأولى في نشر خطابات الكراهية في وسائل الإعلام اليمنية، يليها المحتوى الإخباري وبرامج الرأي والأغاني والزوامل (أغان شعبية لرفع معنويات المقاتلين).
وأضافت علوان في ندوة نظمها مرصد الحريات الإعلامية حول خطاب الكراهية في الإعلام اليمني، أن مواقع التواصل الاجتماعي عملت بشكل كبير في نشر خطاب الكراهية، حيث أصبحت تؤدي دورا أساسيا في التأثير السياسي والتعبئة الجماهيرية.
بلقيس محمد علوان: مواقع التواصل تؤدي دورا أساسيا في التأثير السياسي والتعبئة
وأدى الاستحواذ السياسي المتزايد على وسائل الإعلام اليمنية منذ عام 2014 إلى تعزيز الخطابات السياسية المتباينة، وشرعنة العنف بدلا من الدور التنويري الذي يجب عليها أن تقوم به في ظل الحرب.
وأشارت علوان إلى وجود نوعين من خطاب الكراهية، الأول منظم ومقصود، وآخر غير منظم وغير مقصود لأن من يمارسه لا يدرك أنه خطاب كراهية كما لا يدرك خطورته.
وتركزت الندوة التي أدارها رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر حول ثلاثة محاور رئيسية، تلخصت في خطاب الكراهية في الإعلام اليمني وآليات مواجهته، والتربية الإعلامية ودورها للحد من خطاب الكراهية، وصحافة السلام ودورها في مواجهة خطاب الكراهية.
واستعرض المتخصص في مجال التربية الإعلامية مجيب الحميدي العلاقة بين ثلاثية الحريات الإعلامية وخطاب الكراهية والتربية الإعلامية وارتكاز التربية الإعلامية على الإيمان العميق بقدسية جميع أنواع حريات التعبير، وفي مقدمتها الحريات الإعلامية.
وتحدث الحميدي عن ضرورة الحياد والإلمام في استخدام مواقع التواصل لخدمة المصلحة العامة.
وطالب بضرورة إدماج التربية الإعلامية في المناهج التعليمية لكافة المستويات، لمواجهة خطاب الكراهية وبناء ثقافة السلام والتعايش والتعددية الثقافية واحترام الرأي الآخر، ومحاربة التحيزات العنصرية وثقافة الاستبداد والقمع والعنف والكراهية.
ويقع على عاتق الإعلام في هذه الظروف مهمة كبيرة في بناء السلام وإرساء أسسه، وهذا الأمر يبدأ من الإقلاع عن خطاب الكراهية والتحريض، وإحلال الصحافة الحساسة للنزاعات في التغطيات الإعلامية بدلا من التخندق وراء أطراف الصراع.
وتحدث الصحافي سالم بن سهل عن دور صحافة السلام في مواجهة خطاب الكراهية وكيف يمكن للصحافي العمل في ظل تزايد الانقسامات وتبني قضايا السلام، وهو ما يفترض من الصحافي أن يقف في خط متساو مع كل أطراف الأزمة اليمنية، وتسميتها بمسمياتها الحقيقية.
واعتبر بن سهل أن ما يحدث هو ظاهرة طبيعية، ولكنها يجب أن تتغير من خلال الوعي الصحافي أولا، ثم من خلال الوعي الإداري من قبل ملاك وسائل الإعلام.
ويعمل الإعلام المهني والصحافة الحساسة للنزاعات على تناول الصراع الراهن من زوايا أخرى تساهم في إخماد النيران المشتعلة، فالحاجة ماسة اليوم إلى تغيير هذا السلوك الإعلامي وإيجاد بيئة إعلامية مغايرة، تتعامل مع النزاع من زاوية الكلفة الإنسانية الباهظة وليس من زاوية الأطراف المنتصرة أو المنهزمة.
الاستحواذ السياسي المتزايد على وسائل الإعلام اليمنية منذ عام 2014 أدى إلى تعزيز الخطابات السياسية المتباينة، وشرعنة العنف بدلا من الدور التنويري
وتعنى صحافة السلام في اليمن بإرساء مفاهيم عن كيفية قيام الصحافي أو الإعلامي بنقل وتحويل حياة ضحايا الحرب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى قصص إنسانية حية بدلا من كتابتها على شكل أرقام.
وتناول بن سهل الخطوات العملية وكيفية تعزيز ثقافة السلام للصحافيين، ودورهم الفاعل في نقل ثقافة السلام إلى مجتمعاتهم والحد من ظاهرة الكراهية والانقسام أثناء النزاعات.
ونوه بدور المرأة وضرورة تنوع الجندر في زرع ثقافة السلام وتناول القضايا المجتمعية بشكل منصف لكل أفراد المجتمع، بما يتلاءم مع قضايا النساء ويعزز من دورهن في السلام.
وأكد عدد من الإعلاميين والمتخصصين في مجال الإعلام وبناء السلام أهمية مواجهة خطاب الكراهية، للحد من تزايد الفجوة والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد.
وأطلق عدد من الصحافيين اليمنيين مؤخرا مشروع مواجهة خطاب الكراهية والتحريض في وسائل الإعلام اليمنية، وعملوا على إعداد مسودات مشاريع لمواجهة هذا الخطاب، واستطاعوا مع منظمة “اليونسكو” تنفيذ مشروع المواجهة خلال عام.
وأنجزوا دليلا لمصطلحات خطاب الكراهية التي تنتشر في وسائل الإعلام اليمنية بهدف تجنبها في التغطيات الإعلامية، وأصدروا إعلان مواجهة خطاب الكراهية.