استجمع الشاب السعودي تركي شجاعته، العام الماضي، وأخبر والدته بأنه مثلي جنسيا، إلا أن عدم تقبل العائلة والمجتمع دفعه إلى مغادرة بلاده سعيا إلى الحرية وحفاظا على سلامته.إثر اعترافه، تعرض الشاب البالغ 20 عاما للضرب والاحتجاز بغرفته بالمنزل لأسابيع، كما حرم من ارتياد جامعته.
ويقول تركي، الذي فضل إعطاء اسمه الأول فقط لحساسية الأمر، لوكالة فرانس برس “حين صارحت أمي بميولي الجنسية قالت لي، أنت لست ابني، ثم أبلغت والدي وأشقائي”.
ويستذكر بصوت حزين “ضربني أبي وإخوتي وحُرمت من الخروج ولقاء إصدقائي لأسابيع”.وواجه تركي هذه التجربة القاسية فيما تشهد المملكة بقيادة الأمير، محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد، انفتاحا اجتماعيا بعد عقود من الإغلاق والقيود المشددة، فأعيد افتتاح دور السينما، وباتت الحفلات الغنائية مسموحة، ووُضع حد لحظر الاختلاط بين الرجال والنساء.
لكن هذا الانفتاح لم يطاول الأقليات الجنسية التي لا تزال تعجز عن التعبير عن هوياتها الجنسية علانية.
وخلص الكثير من أعضاء مجتمع الميم إلى أن لا خيار لهم سوى مغادرة البلاد والحصول على لجوء في دول تعترف بهوياتهم الجنسية، تماما كما فعل تركي العام الماضي.وجمع تركي مالا مكنه من شراء تذكرة والسفر إلى المملكة المتحدة التي باتت تسمح للسعوديين بالسفر عبر تأشيرة إلكترونية تُصدر بسهولة في مقابل 138 ريالا بما يعادل 37 دولارا.وكتب الكاتب السعودي، فهد الدغيثر، الأسبوع الماضي، في صحيفة عكاظ الخاصة إن المثلية “موجودة منذ ما قبل ظهور بعض الأنبياء ولم نسمع أن هناك شاذا تمت محاسبته على سلوكه الذي لم يختره أصلا”.
ورغم هذا الرأي المنفتح غير المعتاد، لا تزال هناك مؤشرات كثيرة على أن الأقليات الجنسية غير مرحب بها.
ففي يونيو الفائت، صادرت السعودية ألعابا وملابس ملونة بألوان قوس قزح بزعم ترويجها “للمثلية الجنسية”، في حملة لوزارة التجارة وثقها تقرير تلفزيوني للإعلام الرسمي.
فيما تم حظر أفلام سينمائية في السعودية والإمارات بسبب وجود أبطال مثليين فيها.
واعتبرت الباحثة في مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي، ياسمين فاروق، المسألة “قضية حساسة للغاية”.وقالت لوكالة فرانس برس إنه “رغم الإصلاحات الاجتماعية الجذرية ونهج الصدمة الكهربائية الذي ينتهجه ولي العهد لتحرير أو تخفيف الأعراف الاجتماعية في المجتمع السعودي يجب ألا ننسى الخلفية المحافظة للمجتمع” السعودي.وفرت الفتاتان مستفيدتين من الإصلاحات الأخيرة التي أتاحت للسعوديات السفر وحدهن من دون مرافق، لكن الخوف لا يزال يساورهما أن يتعرف عليهما أحد، لذا تضع هند باستمرار وجوه مبتسمة على صورهما لإخفاء هوياتهما.
وتضيف الفتاة التي باتت تنشر بحرية صورا لها ورفيقتها وهما تمسكان بأيدي بعضهما البعض أثناء التنزه بالشارع “انكشاف أمرنا في السعودية يعني الموت، لذا لا مفر من الهرب”.