حالة من اللاسلم واللاحرب شقت طريقها إلى اليمن الذي كان مواطنوه يترقبون بشغف أية أنباء عن حلحلة في موقف المليشيات الحوثية، بالاستجابة لمبادرات التحالف العربي، والجهود الأممية إلا أنهم صدموا بتصعيد عسكري واقتصادي من قبل مليشيات الحوثي وجمود مساعي السلام، مما أجهض آمالهم، وجعلهم يترقبون عودة وشيكة للحرب، لاسيما بعد اشتداد الأزمة الاقتصادية التي ضاعفت من معاناتهم
وضع أشار إليه رئيس مجلس القيادة الرئاسي باليمن رشاد العليمي والذي كشف مؤخرا عن أن “جهود السلام لم تحقق أي تقدم حتى الآن على مختلف المسارات” رغم الجهود الكبيرة للتحالف العربي بقيادة السعودية والمبعوثين الأممي والأمريكي
تلك التصريحات، كانت هناك مرادفات لها على الأرض؛ فمصادر أمنية قالت لـ”العين الإخبارية”، إن مليشيات الحوثي دفعت بتعزيزات عسكرية مؤلفة من آلاف الجنود والآليات إلى محافظات حجة وتعز والجوف؛ منها 3 آلاف مقاتل إلى الوجهتين الأخيرتين وحدهما، في مسعى لخوض جولة جديدة من الحرب
تطورات على الأرض، دفعت مراقبين إلى توقع عودة وشيكة للحرب، محملين مليشيات الحوثي المسؤولية إثر تعنتها في جهود السلام و”نسفها” المستمر لكل عملية تفاوض نحو الحل السياسي السلمي
فشل دولي
فيما أرجع مراقبون يمنيون جمود مساعي السلام في اليمن إلى ما وصفوه بـ”الفشل الدولي” في إيجاد آليات ضغط على مليشيات الحوثي لدفعها نحو الانصياع لجهود السلام
وقال الباحث والمحلل السياسي اليمني صلاح عبدالواحد في حديث لـ”العين الإخبارية”، إن جمود مساعي السلام يرجع إلى فشل المجتمع الدولي والجهات الدولية الراعية للسلام في اليمن، في الضغط على مليشيات الحوثي وتجاهلها لحرب الحوثي الاقتصادية والعسكرية والتي ضاعفت معاناة المدنيين
وأوضح المحلل السياسي اليمني، أن المجتمع الدولي ينظر إلى الملف اليمني كملف هامشي في ظل البؤر العالمية الساخنة، مشيرًا إلى أن تلك النظرة وذلك “التراخي الدولي” في ردع المليشيات، إضافة إلى غياب الحلول الجادة والصارمة، أمور يستغلها الحوثيون في خوض حرب من طرف واحد
وأشار إلى أنه بسبب التعنت الحوثي، يتجه الوضع في اليمن إلى مزيد من التدهور المستمر. وحذر من عودة الحرب، قائلا إن مجلس القيادة الرئاسي بات مطالبًا أكثر من أي وقت مضى بالحسم العسكري لردع الحرب الحوثية متعددة الأوجه بما فيها الاقتصادية
مراوغات حوثية
في السياق نفسه، قال الناشط الحقوقي اليمني ذي يزن السوائي، في حديث لـ”العين الإخبارية”، إن مليشيات الحوثي لا تريد سلامًا حقيقيًا على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن المفاوضات التي تُجرى بين الحين والآخر تعد “نوعًا من المراوغة، ومحاولة للظهور أمام المجتمع الدولي أنهم دعاة سلام”
وأوضح الناشط الحقوقي اليمني، أن المليشيات الحوثية ظلت تراوغ طيلة 10 أشهر من انتهاء الهدنة، مؤكدًا أنها لم تلتزم طيلة 9 أعوام بأي اتفاق؛ فهي لا زالت تحاصر وتقطع الطرق الرئيسية في عدّة محافظات، خاصة تعز
وبحسب الناشط اليمني، فإن المليشيات الحوثية “تراوغ في كل مفاوضات تحدث، فهم يمارسون الكذب والخداع والتضليل للرأي العام والمجتمع الدولي”، مشيرًا إلى أن “جمود السلام يعد جزءًا من مشهد خططت له المليشيات بعناية من أجل حصد مزيد من التنازلات”
وانتقد السوائي دور المجتمع الدولي والذي قال إنه “لم يفرض على هذه المليشيات عقوبات دولية صارمة، ولا يتعامل معها على أنها جماعة ارتكبت كل الجرائم والانتهاكات بحق الإنسان من أبناء اليمن، وتجاوزت كل القوانين الدولية”
نقطة الصفر
وبحسب الناشط الإعلامي اليمني المعتصم الجلال، فإن مليشيات الحوثي ما زالت تعسكر وتجند وترفد الجبهات بمقاتليها، وتقصف عدة مناطق يمنية مأهولة بالسكان عبر استخدام الطيران المسير والقذائف المدفعية، مشيرًا إلى أن ضحايا هذا القصف من المدنيين العُزّل ما يعد مؤشرا على عودة وشيكة للحرب
وأوضح الناشط الإعلامي اليمني، أن غض الطرف من قبل المجتمع الدولي تجاه “الأعمال العدائية المقوضة لجهود السلام التي تقوم بها مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا، منح المليشيات فرصة لوفع سقف طموحات وإجهاض جهود السلام”
ويقول المعتصم الجلال، إن “عدم اتخاذ عقوبات صارمة ضد المليشيات الحوثية إثر تعنتها للسلام واستمرار أعمالها العدائية وحربها الاقتصادية، ضد أبناء الشعب اليمني، أدى إلى تصلّب مواقف إزاء أطروحات عملية السلام، باستثناء الانفتاح في ملف المختطفين والأسرى وهو جانب استفاد منه الحوثي كثيرا من خلال إطلاق عدد كبير من أنصاره كانوا قد أسروا في جبهات القتال مقابل مدنيين”
وأشار إلى أن “هذه الإرهاصات التي جمدت عملية السلام المنهكة أصلا منذ البداية، تعني أن الخيار العسكري بات واردا، وعلى الحكومة اليمنية والمجلس الرئاسي أن تلوح بالفعل بالحسم العسكري باعتباره ورقة قوتها الأبرز”
وبحسب الناشط الإعلامي اليمني، فإن تصعيد المليشيات الحوثية من خلال استعراضاتها العسكرية يعيد الأزمة إلى نقطة الصفر، إلا أن “الانقلابيين” لن يصلوا إلى مرادهم، ما دام الرفض الشعبي قائمًا