إتسعت دائرة الرفض الشعبي ، والمجتمعي لميليشيات الحوثي الإرهابية ذات التوجه الإيراني في اليمن، لتخرج عن نطاق العاصمة صنعاء، إلى المحافظات المجاورة لها ، والخاضعة لسيطرة الحوثيين.
و ذكرت مصادر محلية في محافظة ذمار “جنوب صنعاء”، أن شعارات رافضة للحوثيين انتشرت في شوارع المدينة، خلال اليومين الماضيين، ما دفع الميليشيات الإيرانية، لإرسال حملات ملاحقة وتعقب للمناهضين لها في المحافظة.
وأشارت المصادر، إلى ان عناصر الحوثيين المدججين بالأسلحة المختلفة شنّوا حملة اختطافات واسعة في أوساط الناشطين والمثقفين في المحافظة، على خلفية تصاعد الرفض الشعبي المناهض للجماعة ، وشعاراتها ، وصور كبار قادتها المنتشرة في الشوارع ، وجدران المنازل ، والمؤسسات.
و أكّدت المصادر، أنه تم طمس شعارات الحوثيين من جدران المؤسسات ، والهيئات ، والمباني ، ومن شوارع مدينة “ذمار” مركز المحافظة، كما تم تمزيق صور قاداتها الإرهابية من واجهات الشوارع ، والمباني الحكومية.
اتساع الرفض
و مع استمرار إضراب المعلمين والتربويين، وأساتذة الجامعة في صنعاء، والتأييد الشعبي له، وفشل الميليشيات الحوثية في احتوائه، إتسعت دائرة الرفض لتصل إلى المجتمعات المحلية في محيط صنعاء، حيث تم إزالة وطمس شعارات الجماعة في “ذمار” التي كانت تُعَدُ أحد أهم معاقل الحوثيين ، وصمام أمان العاصمة من الجهة الجنوبية بالنسبة للجماعة.
ومع ذلك ، نفذت الجماعة الإرهابية الايرانية، حملات مداهمة واسعة لمنازل مواطنين في أحياء( 7 يوليو، وأبو بكر الصديق، والاستاد الرياضي، والمشواف، وماجل إسحاق، والجيلاني، والقاسمي، والمصلابة)، أسفرت عن خطف شبان وناشطين تتهمهم الجماعة بالضلوع في استهداف شعاراتها ، وصور قتلاها.
و وفقًا للمصادر، فقد تفاجأ قادة الميليشيات الحوثية بتوسع حالة الرفض الشعبي ، والمجتمعي لها، والتي بدأت تتحول إلى مواجهات ، ولو بالطرق السرية مع الجماعة من خلال طمس معظم شعاراتهم ، وتمزيق صور كبار قادتهم ، وقتلاهم الملصقة على جدران المنازل ، وفي الأحياء والشوارع، مع كتابة عبارات تطالب برحيلهم الفوري من المحافظة.
و تركزت عمليات الرفض، على إزالة وطمس شعار ما يُسمى بـ “الصرخة الخمينية”، وتمزيق صور كبار قادة ، ومشرفي الجماعة من ذمار منهم ” عمير البخيتي، وصالح الوهبي، وعز الدين الضوراني، وعلي دوس، وأحمد الأشبط”، إضافة إلى صور زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي ، ومؤسسها الصريع حسين الحوثي ، والقيادي في الميليشيات طه المداني ، والرئيس السابق للمجلس الانقلابي – غير الشرعي – صالح الصماد، وغيرهم.
فشل حوثي جديد
و سجلت اليومين الماضيين ، فشل جديد لأجهزة الميليشيات الاستخباراتية المقتبسة من النظام الايراني، خاصة ما يسمى “جهاز الأمن الوقائي”، والأمنيات الطائفية، في معرفة من يقفون وراء إزالة الشعارات ، وصور القتلى من بعض الشوارع ، وجدران المنازلو، والمدارس ، والمساجد ، والمؤسسات الحكومية ، والأهلية في ذمار، كما فشلت سابقًا في إفشال إضراب المعلمين ، والتربويين.
و تحدثت المصادر ، عن حالة استنفار حوثي غير معلنة في صنعاء، ومحطيها، يرافقها إصدار تعليمات تحض على نشر جواسيس ، وعملاء بأحياء المدينة، و تكثيف نقاط التفتيش، خصوصًا في ساعات الليل، وإلزام مُلاك المؤسسات ، والمحال التجارية ، وغيرهم، بوضع كاميرات مراقبة متطورة بغية التعرف على هوية المستهدفين لشعارات الجماعة.
إغلاق محال وهدم منازل
ولم تكتفِ الجماعة الإيرانية بذلك القدر من التعسف ، إذ رافق دهمها المنازل ، ومطاردة المدنيين في أحياء متفرقة من المدينة حملات أخرى مماثلة طالت بالاعتقال ، وفرض الغرامات على مُلاك محال تجارية في شوارع رئيسية ، وفرعية بالمحافظة، بزعم تمزيق شعاراتها ، وصور قتلاها.
و كشفت المصادر، عن اختطاف عناصر الحوثي، العشرات من عمال ومُلاك المحال التجارية، ونقلهم إلى عدة سجون وسط المدينة، قبل أن تقوم الجماعة بالإفراج عن بعض المعتقلين بعد استجابتهم لدفع مبالغ مالية تحت مُسمى «تأديبية» ، والتزامهم بتركيب كاميرات مراقبة حديثة على واجهات محالهم.
وجاءت الممارسات الحوثية متزامنة مع شن ما يُسمى بمكتب الأشغال الخاضع لها في المحافظة حملات إزالة ، وهدم غير مبرر بالجرافات لمنازل ، وممتلكات مواطنين في المنطقة الشرقية لمدينة ذمار ، بحجة إزالة العشوائيات، والحفاظ على ما تسميه الجماعة المخطط العمراني.
يذكر ان محافظة “ذمار” قدمت أكثر من 6 آلاف قتيل في قتالها إلى جانب الميليشيات الحوثية، قبل ان تستفيق ، وتعلن رفضها في أمداد الحوثيين بمقاتلين جدد، حيث اعتبرت عدد من قبائل المحافظة ذلك استنزاف للمخزون البشري للمحافظة.
اتساع صراع القادة
و تزامن إتساع الرفض الشعبي ، والمجتمعي للجماعة، مع إتساع دائرة الصراع في أوساط قياداتها المنقسمة بين “جناح صعدة، وجناح صنعاء”، حيث يتركز الصراع بين أجنحة الحوثيين على “النفوذ والمال”.
وإلى جانب تعالي الأصوات المنددة بسياسة القمع والترهيب التي تمارسها الميليشيات الحوثية ضد المعلمين، من قبل قيادات حوثية ، أو موالين لها مثل البرلماني احمد سيف حاشد، وعبده بشر، أعلن القيادي الحوثي صادق أبو شوارب، إضرابه عن الطعام نيابة عمن سماهم بـ”الجوعى ، وذوي المظالم ، والحقوق، في مقدمتهم الموظفين المحرومين من رواتبهم”، وهو ما قاد هجومًا عليه من قِبل ناشطي الجماعة على منصات التواصل الاجتماعي.
وفي حسابه على منصة “إكس”، أعلن أبو شوارب، تنفيذ إضراب عن الطعام لمدة 24 ساعة، تمهيدًا لتنفيذ إضراب مفتوح عن الطعام للضغط على جماعته بإجراء تغييرات وصفها بـ”الجذرية”.
ونقل عن “أبو شوارب” قوله “إنه إختار الإضراب عن الطعام عوضًا عن الدماء ، أو الصمت على معاناة اليمنيين، و وقوف ما سماه “رأس الدولة” حجر عثرة أمام كل المحاولات السابقة الرامية للإصلاح، الأمر الذي عمق معاناة اليمنيين. في إشارة منه إلى مهدي المشاط ، رئيس المجلس الانقلابي.
وفي تعليقات لهم، هاجم ناشطون حوثيون القيادي بجماعتهم صادق أبو شوارب، والذي يشغل عضوية ما تُسمى “اللجنة الثورية العليا”، متهمين إياه بالتواطؤ مع الأكاديميين المعلمين ، والموظفين، والعمل ضمن ما أسموه “المخطط الأميركي” الذي يستهدف الجماعة تحت مسمى “الرواتب”، وفق زعمهم.
و سَخِر النشطاء ، والمغردون الحوثيون من إعلان القيادي في جماعتهم الإضراب عن الطعام؛ إحتجاجًا على تدهور أوضاع اليمنيين في مناطق سيطرتهم، و إتهموه بالعمالة ، والسعي للحصول على منصب رفيع بسلطة الانقلاب.
ثورة شعبية
و سبق لقيادات في الجماعة، أن حذرت من ثورة شعبية على خلفية خطاب القيادي مهدي المشاط رئيس المجلس الانقلابي، ردًا على خطاب ألقاه الأخير في محافظة عمران ، وهاجم فيه كل المطالبين بدفع الرواتب.
و أكّدت مصادر مطلعة في صنعاء، أن إتساع الخلافات بين عناصر الحوثيين، تنذر بنهاية مشروعها الإيراني الدخيل على المجتمع اليمني، حيث تزايدت الخلافات ، وتبادُل التهم ، والتصفيات في الآونة الاخيرة بين قيادات الحوثيين.
وكان زعيم الميليشيات الإرهابية عبدالملك الحوثي، تدخل لاحتواء الخلافات المتصاعدة بين قادة أجنحته في صنعاء، على خلفية الصراع على الأموال ، وتبادُل الإتهامات بالفساد، وهي الخلافات التي تزامنت مع تنامي الغضب الشعبي على حكمه ، واستمرار إضراب المعلمين المطالبين بصرف رواتبهم المقطوعة منذ سبعة أعوام.
و وفقًا للمصادر، فإن عبدالملك الحوثي، استدعى أعضاء ما يُسمى مجلس النواب غير الشرعي، إلى محافظة صعدة، مقر اختبائه الدائم، حيث التقاهم ، و وجّه بالتخفيف من النقد الذي تتعرض له الحكومة غير المعترف بها.
رواتب المعلمين
و شكّل نهب رواتب الموظفين ، وعلى راسهم المعلمين ، والتربويين، حجر زاوية في تنامي السخط ، والغضب الشعبي، والخلافات بين قيادات الحوثيين، خاصة مع بداية إضرابهم للمطالبة بصرف مرتباتهم المنقطعة ، والمنهوبة منذ ثمان سنوات من قبل عناصر الحوثي.
و ذكرت المصادر، بأن محاولة مجلس نواب صنعاء الغير شرعبي، استجواب وزيري المالية ، والتربية والتعليم في حكومة الحوثي الغير معترف بها دوليًا، بسبب استمرار قطع رواتب المعلمين والتلاعب بأموال صندوق دعم المعلمين ، وصرفها لصالح النظام التعليم الطائفي الموازي الذي استحدثته الميليشيات، فجّر خلافات كبيرة بين قيادات الجماعة من الدرجة الأولى ، والمنتمين لمحافظة صعدة على وجه التحديد.
و وفقًا للمصادر، فإن وزير مالية الانقلابيين ، والمدعوم من مدير مكتب مجلس الحكم في مناطق سيطرتهم أحمد حامد، رفض مرارًا الحضور إلى ما يُسمى مجلس النواب، وأنه يتحكم بكل الأموال التي يتم تحصيلها ، ولا يتم صرفها إلا بموجب تعليمات من حامد، وأن هذا يثير غضب قائد الجناح الآخر ، وهو ابن عم زعيم الميليشيات محمد علي الحوثي، الذي يسعى لسحب الصلاحيات من مهدي المشاط ، واحمد حامد، والتفرد بالحكم بعيدًا عن عبدالملك الحوثي.
وعود التجربة الايرانية
بحسب المصادر، فإن زعيم الميليشيات الذي يستلهم التجربة الإيرانية في كل شيء ، ويقدم نفسه على أنه “قائد ثورة”، مع أنه يتحكم بكل شيء، أقر بسوء الوضع الذي يعيشه السكان في مناطق سيطرتهم، كما أقر بوجود عجز في أداء المسؤوليه وفسادهم، لكنه أبلغ الحضور أنه سيتولى بنفسه مهمة معالجة هذه القضايا، وإجراء تغييرات وصفها بالجذرية في كافة المواقع، وأسهب في الحديث عن المؤامرات الخارجية ، وشح الموارد.
ومع استمرار رفض وتعنت ميليشيات الحوثي لمبادرات ومقترحات وسطاء السلام، بصرف مرتبات الموظفين ، وفتح الطرق ، وعدم التضييق على المدنيين، تزايدت الأصوات المعارضة لسياسة الحوثيين، من قبل الرموز الاجتماعية في مناطقهم، والتي سعت مؤخرًا لفتح طرق تعز، والتواصل على توافق حول صرف المرتبات ، وفقًا لمقترحات المبعوث الأممي، إلا أن قادة الحوثيين رفضوها جملة وتفصيلًا ، وتمسكوا بموقفهم الذي سيقود إلى عودة المواجهات العسكرية، التي يرفضها الجميع.