حاولت المليشيا الحوثية، خلال الايام الماضية، التقدم في عدة جبهات أبرزها بيحان شبوة قبل أن تتصدى لها قوات ألوية العمالقة التابعة للحكومة الشرعية، في خطوة مفاجئة للشارع اليمني الذي كان ينتظر من الجماعة تنفيذ وعيدها المستمر بمهاجمة الاحتلال الصهيوني
وقالت صحيفة اندبندنت البريطانية في تقرير لها، إنه بعد أشهر من وعيد مليشيات الحوثي بقصف إسرائيل ونصرة الفلسطينيين، تفاجأ الشارع اليمني بمن فيهم مناصروها بشنها هجوماً واسعاً على عدد من المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية في محافظة شبوة (شرق اليمن) بالتزامن مع استمرار وصول حشود ضخمة لعناصرها خلال اليومين الماضيين إلى جبهات شرق محافظة الجوف (شمال البلاد).
وحاولت القوات الحوثية خلال الساعات الماضية إحراز تقدم ميداني مباغت في عدد من الجبهات والسيطرة على مناطق جديدة واستعادة أخرى خسرتها مرتين سابقتين في كل من بيحان بمحافظة شبوة والبقع بمحافظة صعدة شمال البلاد، بالتزامن مع نشر وسائل إعلام حوثية وأخرى إيرانية تقارير تتضمن مزاعم عن نية القوات الحكومية شن هجمات ضد الميليشيات في جبهات القتال الداخلية.
وذكرت الصحيفة ان التصعيد الحوثي الأكبر منذ الدخول في تهدئة شاملة شهدتها البلاد قبل حوالى عامين، أثار التكهنات إزاء مصير الجهود الأممية والإقليمية للتوصل إلى خريطة سلام وإنهاء النزاع، وفتح المجال أمام التساؤلات عن النوايا الحوثية التي تدعي مناصرة غزة في حين تهاجم الداخل اليمني.
وحسب الصحيفة، فإن اشتعال المعارك في عدد من الجبهات الواقعة بين مناطق سيطرة الحوثي ومناطق نفوذ قوات حكومية وأخرى محسوبة على الحكومة المعترف بها دولياً وأهمها تلك المستعرة في جبهتي مأرب وشبوة، دفع المراقبين إلى الحديث عن تفنيدات الهجوم الحوثي الذي اعتبروه سلوكاً متوقعاً لجماعة “تتاجر بالقضايا الكبرى بغرض تخدير الداخل، بينما عيونها على التهام مزيد من المناطق ووضعها تحت سيطرتها”، بحسب بيان الحكومة الشرعية.
وبالتزامن مع استمرار وصول تعزيزات من المقاتلين والعتاد إلى مناطق التماس للجانبين، حذرت الحكومة اليمنية على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني ، الإثنين مما اعتبره “استمرار تصعيد الحوثيين في جبهات تعز- شبوة- الجوف- صعدة”، بحسب وكالة الأنباء الرسمية سبأ.
ومن وجهة نظر الحكومة الشرعية إزاء هذا التصعيد، يكمن الحل في دعوة “المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى تكريس الجهود لدعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية لاستعادة الدولة وفرض سيطرتها على كامل الأراضي اليمنية”.
بالتزامن يواصل المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ لقاءاته في المنطقة في إطار المساعي الأممية والإقليمية لإعادة الوضع التفاوضي بين الأطراف إلى ما كان عليه قبل التصعيد الحوثي في البحر الأحمر والذي كان قريباً من إعلان التوصل إلى خريطة طريق نحو السلام الذي ينتظره ملايين اليمنيين منذ أعوام.
والتقى أول أمس الثلاثاء في مسقط وكيل وزارة الخارجية العمانية للشؤون السياسية خليفة الحارثي.
ووفق منشور للوزارة على منصة “إكس”، “تطرق اللقاء إلى جهود مساندة الأطراف اليمنية للوصول لحل سياسي، وتناول تداعيات الحرب الإسرائيلية ضد سكان غزة على القضية اليمنية والملاحة في البحر الأحمر”.
ويُقرأ تحرك المبعوث الأممي على أنه يأتي في سياق تعزيز الدور العماني المباشر في عملية تقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة اليمنية نظراً إلى علاقات مسقط القوية مع الجانب الحوثي المدعوم من إيران، ووفقاً لذلك، قالت وكالة الأنباء العمانية إنه تم خلال اللقاء “استعراض الجهود المبذولة لمساندة الأطراف اليمنية بغية الوصول إلى حل سياسي يحقق لليمن الشقيق ولدول المنطقة الأمن والاستقرار”.
وقال بيان صادر عن مكتب غروندبرغ أن “استئناف القتال في عدد من الجبهات في اليمن بعد هدوء نسبي استمر منذ أبريل (نسيان) 2022 يمثل تهديداً حقيقياً لكل جهود التسوية، بل هو يضرب عرض الحائط بكل ما تحقق خلال الفترة الماضية من جهود إقليمية وأممية ودولية التي انتهت إلى تحقيق ما يمكن اعتباره خفض تصعيد شهدت خلاله الأوضاع الإنسانية للمدنيين هناك تحسناً نسبياً وصولاً إلى إعلان أممي بتوافق الأطراف اليمنية على خريطة طريق للتسوية، لذا فإن استئناف القتال، بالتزامن مع التصعيد في البحر الأحمر، سيدخل الأزمة اليمنية في نفق جديد إذا لم يتم احتواؤه”.
في قراءة لأبعاد التصعيد الحوثي، يقول الكاتب السياسي محمد القادري إن شبوة ليست إسرائيل، والمسجد الأقصى ليس في بيحان، ولهذا يعتبر “ما يفعله الحوثي يكشف عن معركته في البحر الأحمر” التي لم تكن “إلا مسرحية وأن الهدف هو السيطرة على الجنوب فقط لا غير”.
ويتساءل القادري “ما هو هدف الحوثي من شن هجماته على شبوة في وقت كان يفترض أن يركز كل جهوده صوب إسرائيل إذا كان صادقاً أنه يحاربها؟”، ليردّ أن “الحوثي ينكشف أكثر ويتضح أنه يريد تحقيق مكاسب على الأرض عبر استغلال أحداث غزة التي كادت تتوقف وقلّت أخبارها”.
ويتابع أنه “يعتدي على بيحان وشن طيرانه المسيّر غارات على الجنوب، وعندما يتم صده وكسر زحفه يدعي بأن أولئك الذين يصدونه صهاينة ويهود ويعتدي على الجبهات ويرفع شعار أن من سيتصدى له هدفه تخفيف الضغط عن معركته في البحر الأحمر”.