كشفت مصادر مقربة من المليشيات الحوثية، عن استعدادات وترتيبات جارية على قدم وساق في صنعاء المحتلة وباقي مناطق سيطرة المتمردين، يقوم بها التجار ورجال الأعمال، للانتقال إلى العاصمة عدن، نتيجة الإجراءات التعسفية فضلا عن حالة الكساد وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
المصادر أكدت إستعداد عشرات التجار ورجال الأعمال لمغادرة صنعاء والانتقال إلى العاصمة عدن والمحافظات المحررة ومنهم إلى خارج اليمن بعد أشهر من احتجاز بضائعهم في الجمارك التي استحدثها الحوثيون في عدد من المحافظات.
وتحتجز مليشيا الحوثي وفقاً لذات المصادر، منذ مطلع العام 2024م. عشرات الشاحنات التجارية لعدد من رجال الأعمال والتجار المستوردين ومنعتهم من إدخالها إلى السوق بحجج مختلفة أدت لتلفها.
المحامي عبدالملك العقيدة المعروف بوالاه لمليشيا الحوثي، كشف من مصادر تجارية، عن استعداد ما لا يقل عن 43 تاجرا لمغادرة صنعاء و مناطق سيطرة الحوثي نتيجة الابتزاز والاحتجاز والجمارك والضرائب والجبايات التي يتعرضون لها على يد عناصر الحوثي وتكبدهم خسائر فادحة.
وقال المحامي العقيدة على حسابه الرسمي بموقع فيس بوك، أن وجهة التجار الرئيسة في الداخل هي عدن ومأرب وحضرموت وبعضهم إلى خارج اليمن.
وأوضح المحامي العقيدة بأن اجراءات وتعقيدات وتعسفات القيادات الحوثية في الجمارك المستحدثة والتي تتعمد احتجاز بضائعهم في النقاط التابعة لها لأشهر طويلة دونما حاجة الى ذلك، بعض من الأسباب التي دفعت التجار إلى الهجرة بشكل نهائي من صنعاء.
واضاف أن الأسباب المذكورة أعلاه، لم تكتفي مليشيا الحوثي بها، لتطفيش التجار، بل تكبدهم تقديرات كبيرة لمبلغ الجمارك والعبث الحاصل هناك بشكل يجعل المتابع للموضوع يدرك وبقناعة تامة ان الهدف وراء تلك التعسفات دفعهم للهجرة برؤس اموالهم الى الخارج و عدن وحضرموت ومأرب.
وأكد العقيدة أن التعسفات والإجراءات الحوثية عرضت التجار ورجال الأعمال إلى أضرار مادية كبيرة وفوت عليهم مواسم وصفقات بمئات الملايين، فضلاً أنهم لايجدون من يشتكون إليه ما يحدث لهم.. مشيرا إلى أن رئيس جمارك الحوثيين لايداوم في مكتبة ولايعلم في اي مكان ومقر يحتجب فيه عن شرف خدمة الوطن والمواطن. حد قوله.
وعلق النشطاء في صنعاء على منشور المحامي عبدالملك العقيدة، بالقول إن الممارسات الحوثية ضد التجار عمل ممنهج ومدروس، من أجل إحلال محل التجار الحاليين، تجار موالين لمليشيا الحوثي.. مشيرين إلى أن ظهور تجار جدد في صنعاء وصعدوا إلى هرم السوق خلال فترة وجيزة.
تعسفات الحوثيين طالت أيضا بحسب النشطاء، مستثمرين محليين من أصحاب منتجات المعجنات والحلويات، والذين يشكون فرض مبالغ مالية كبيرة تحت ما أسمته ضرائب ورسوم وزكاة وتجارة وصناعة ومكتب الأشغال والصحة.
وتزامن هجرة التجار ورجال الأعمال مع قرب انتهاء المهلة التي منحها البنك المركزي اليمني في عدن في قراره الذي قضى بنقل مراكز البنوك التجارية الرئيسة من صنعاء إلى العاصمة عدن.
وفي سياق متصل، نفذ عشرات المودعين يوم الأحد الماضي، وقفة احتجاجية أمام مقر بنك اليمن الدولي في صنعاء، للمطالبة بمدخراتهم المحتجزة وللاحتجاج على توقف صرف المبالغ الشهرية الصغيرة من الودائع، وقابلت المليشيا المحتجين بالاعتداء عليهم واختطاف عدد منهم.
وطبقاً لتقديرات اقتصادية فإن حجم الودائع المحتجزة لمواطنين من عملاء البنوك تُقدر بـ 2.5 تريليون ريال (نحو 4.5 مليارات دولار)، حيث ترفض المليشيا إعادتها للمودعين أو البنوك، بذريعة قانون تجريم المعاملات الربوية الذي أصدرته مؤخرا.
وكان البنك المركزي اليمني، قد أصدر مطلع أبريل الماضي، قراراً مُلزماً للبنوك التجارية والإسلامية بنقل مراكزها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن، خلال مدة شهرين تنتهي في الثالث من الشهر القادم.
وفي تقرير له مؤخراً قال البنك المركزي “إنّ مليشيات الحوثي الانقلابية، سعت منذ نقل المقر الرئيسي للبنك المركزي من صنعاء إلى عدن منتصف العام 2016، إلى تدمير القطاع المصرفي والمالي وإلحاق بالغ الضرر به، مستغلة تواجد أغلب المراكز الرئيسية للبنوك في مدينة صنعاء الخاضعة لسيطرتها بالقوة”.
ولفت إلى أنّ المليشيات قامت لاحقًا في عام 2023م بإصدار ما أسمته “قانون منع المعاملات الربوية، الذي تجرم من خلاله التعامل بالفائدة”، معتبرا أنّ هذا الإجراء لا يعدو عن كونه ممارسة احتيالية على أموال المودعين من العملاء ونهب حقوقهم المتمثلة في العوائد المستحقة عن ودائعهم المصرفية، والقضاء على ماتبقى من ثقة بالقطاع المصرفي.
وأوضح المركزي اليمن، أنّ الحوثيين قاموا عبر ما سمي بلجنة المدفوعات سابقًا، ولاحقًا من خلال فرع البنك المركزي في صنعاء بالاستحواذ على موارد النقد الأجنبي للمؤسسات المالية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وفرض بيعها تحت اشرافهم بسعر صرف منخفض للشركات والقطاع التجاري، الذي يفرضون عليه تسليم الكثير من الأموال والجبايات بمسميات مختلفة لتضاف في نهاية المطاف على قيمة وأسعار السلع والبضائع.
وكان الاتحاد العام للغرف التجارية اتهم في مايو من السنة الماضية مليشيا الحوثي بشن حرب تصفية ضد القطاع الخاص والشركات والتجار، دون وجه حق. بينما تشهد أروقة المحاكم مئات القضايا التجارية ضد هيئات حوثية تشمل الزكاة والأوقاف والمالية والصناعة والأشغال، وغيرها.